رئيس التحرير
عصام كامل

عشوائيات النخبة

عندما تمتد يد الحكومة إلى العشوائيات..تخسر القنوات التليفزيونية مادة ثرية كانت لها الأولوية في البرامج المسائية، فعلى مدار الخمسة عشر عاماً الماضية اقتاتت الفضائيات على قضايا العشوائيات، وكاميرا واحدة تتجول في دهاليز سكان العشش..كفيلة بصناعة نجومية مذيع ما زال في بداية الطريق، ولا أبالغ إذا قلت صناعة برنامج أو قناة..

 

وكم من مذيع وجد في العشوائيات ضالته، فانكب على قضاياها لتختصر طريقه إلى الشهرة، كانت البلطجة وزنا المحارم والقتل وتشريد الأطفال وتجارة الأعضاء البشرية وسرقة جثث الموتى والتسول وإلقاء الأطفال حديثي الولادة في صناديق القمامة، كل هذه القضايا كانت مرتبطة بمجتمع العشوائيات، وإذا عرضت على الشاشة كانت تحقق أعلى نسبة مشاهدة.

 

 معنا أم علينا؟


ومع امتداد يد الحكومة إلى المناطق العشوائية لإعادة صياغتها.. تنحسر مساحة القضايا التي هزت لسنوات وجدان المشاهد المصري، وتفاعل معها المشاهد العربي، ومع دور وزارات مثل الشباب والرياضة والثقافة والتضامن.. يعاد تأهيل سكان العشوائيات بعد انتقالهم إلى المناطق الجديدة، للقضاء على سلوكيات طالما كانت صداعاً في رأس المجتمع والحكومة..

 

أما دور الإعلام.. فهو متابعة التحول الذي حدث في العشوائيات وسكانها، ولا أكثر جاذبية من مقارنة بين ماضي هذه المناطق وحاضرها، جاذبية كفيلة بتحقيق الجماهيرية للمذيع وللقناة التي يعمل بها.


لكن انشغال الحكومة بالقضاء على العشوائيات.. خلق عشوائيات جديدة، تمارس فيها البلطجة والسباب وتبادل الاتهامات، وفيها تنتهك حرمات الأحياء والأموات، والخطورة في هذا النوع من العشوائيات تكمن في أن ممارسي البلطجة ومنتهكي الحرمات محسوبون على النخبة والمثقفين، والمفروض أنهم قدوة للجماهير، ورغم أنهم من سكان الأحياء الراقية.. إلا أن سلوكياتهم خاصمت الرقي، فصاروا مادة ثرية للقنوات الفضائية ووسائل التواصل الإجتماعي.

 

 القاعدة والاستثناء في برامج الهواء

 

يد الدولة التي امتدت إلى العشوائيات فحولتها إلى (البشاير والأسمرات) يجب أن تمتد إلى عشوائيات النخبة التي ترتكب فيها الجرائم جهاراً نهاراً، ولن تتوقف السلوكيات المشينة لبلطجة النخبة إلا بتفعيل القانون حتى لا يقال إن يد الدولة مغلولة.


عشوائية النخبة التي تنتظر يد الدولة القوية موجودة في مجتمع الرياضة حيث أكبر ناديين في المنطقة العربية، وموجودة في الإعلام حيث قنوات (بير سلم) التي أفرزت وجوهاً لا علاقة لها بالإعلام، ومع ذلك محسوبة على الإعلاميين المصريين، والعشوائية موجودة في نقابات غير شرعية، وفي مذيعين يقولون الشيئ وعكسه، وفي أسماء تردد أنها تتصدر قوائم مجلس الشيوخ، عشوائيات النخبة تحتاج إلى تدخل سريع من الدولة لأنها الأخطر.


الجريدة الرسمية