مسؤولية الدولة في إعمار بيوت الله
تزينت المساجد؛ لاستقبال عمارها اليوم الجمعة، حيث حضور أول خطبة جمعة بعد أشهر من الغلق ضمن الإجراءات الاحترازية المطبقة لمواجهة فيروس كورونا المستجد «كوفيد- 19»، وقد بذلت جميع الجهات ذات الصلة جهودا مشكورة، ضمن عمليات التوعية والتطهير والتعقيم، وذلك تزامنا مع حالة حذر رسمي محمودة فيما يتعلق باستمرار الالتزام بالضوابط الوقائية ضد الفيروس.
ومع فتح المساجد لاستقبال المصلين لظهر
الجمعة، تظهر الحاجة الماسة إلى استمرار دور الدولة في إعمار بيوت الله، على النهج
المعتدل القويم، فلا أحد يشك لحظة في إخلاص الدولة على المستوى الرسمي في نشر العلم
والوسطية السمحاء، فمصر هي منارة العالم الإسلامي بأزهرها الشريف، وكانت من اولى الدول
الرائدة في التوعية الدينية على المستوى الإعلامي ببث إذاعة القرآن الكريم.
حينما يتحكم بريق «السوشيال ميديا» في الضمائر
ولكن التساؤل المشروع، أمام حالة الحماس
الجميلة في فتح المساجد، هل ستكفي المساجد أعداد المصلين في ظل الالتزام بإجراءات التباعد
الاجتماعي المطبقة بترك مسافات بين المصلين؛ تجنبا للعدوى، وهل لدى الدولة قائمة كاملة
بالمساجد التي تستوعب تطبيق الإجراءات الاحترازية؟ وهل هناك ضمانات كافية لتوفير أئمة
وخطباء معتمدين سواء بالمكافأة أو بالطريقة المرنة التي تراها الدولة مناسبة؟
يعلم رجال الدين مكانة المسجد جيدا في الإسلام،
فيقول الدكتور محمد عبد القادر حاتم، والذي تولى بفترة حساسة من تاريخ مصر، وضع البنية
الأساسية للإعلام المصرى وأنشأ وكالة أنباء الشرق الأوسط، وأقام مبنى ماسبيرو، يقول
في كتابه «الإعلام في القرآن الكريم»، «إن المسجد من أهم المجالات لنشاط الداعية، فهو
مكانه المقدس الذي يتجمع فيه الناس وتنظمهم روحانيته للاستماع إليه والذي تنبعث منه
الدعوة إلى الخير وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر».
وتناول الرجل في كتابه، إعداد الدعاة وتوفيرهم
واقترح، «إلى أن يتم توفير أعداد كافية للدعوة في المساجد الرسمية والأهلية عقد مسابقات
بين من يرون في أنفسهم القدرة على تحمل أعباء الدعوة من أبناء الأزهر أو غيرهم من المشتغلين
بالتدريس أو غيره ومن خريجي المعاهد الدينية ذات المستوى الديني الرفيع..
».
ومرة أخرى أجدد التأكيد على الثقة التامة
في حرص الدولة على الوعي الديني المستنير ونشر الوسطية السمحاء، لكن في ظل مواجهة وباء
كورونا، ينبغي الحذر ومضاعفة الجهد لضمان استيعاب أعداد المصلين الكبيرة في صلاة الجمعة
وطالما قدموا إلى المساجد متعطشين لأدائها بعد حرمان استمر شهورا، وكل ما أريده ألا
نترك فرصة لأعداء مصر المتربصين من المتاجرين بالدين أن يطعنوا الدولة من حيث لا ندري
أو يروجوا شائعات كاذبة قد تجد لها آذانا مصغية؛ بسبب تعسف الروتين وتعطيل القيام بالشعيرة.