رئيس التحرير
عصام كامل

الحريم عايزة ايه؟

لا أدري السبب وراء إصرار المرأة العربية على العيش فى دور "المضطهدة، والمقهورة، والمغلوب على أمرها" من "رجال أشرار" على الرغم من أن ذلك لا علاقة له بالواقع، سواء داخل المنازل التى اختفى منها نموذج "سى السيد" منذ سنوات، أو حتى فى مجالات العمل المختلفة التى وصلت فيها إلى منصب "المديرة، ورئيسة لمجلس إدارة، والوزيرة" ولكن يبدو أن هذا قدر الرجال مع "حريم هذا العصر".


فمنذ أيام ساقنى القدر لجلسة ضمت عددا من المثقفين من الجنسين، شنت خلالها السيدات هجوما حادا على "الرجل" متهمين إياه باضطهاد المرأة، واستغلالها، والتقليل من شأنها سواء داخل المنزل أو العمل.
كوارث "كواحيل" بلدنا
وعلى الرغم من تقديرى لآراء كل السيدات الفاضلات، وما طرحنه من تحفظات تجاه الرجال، إلا أننى أؤكد أن الموضوع لا يزيد عن كونه "شعورا نفسيا" لا علاقة له بالواقع، ومن الصعب إسقاطه سوى على قليل من الرجال غير الأسوياء، الذين مازالوا يعيشون بعقولهم فى عصور الرق والعبودية.

الغريب، أن مشاعر القهر والاضطهاد "النفسي" والذى لا علاقة له بالواقع، والذى يسيطر على عدد غير قليل من "المصريات" لم يتوقف عندهن فحسب، بل أصبح وللأسف شعورا عاما ينتاب قطاعا عريضا من "السيدات العرب" خاصة "المثقفات" الاتي يرفعن شعارات "حرية المرأة، والمساواة، ونبذ العنف" وغيرها من الشعارات التى دابت مع ما حققته المجتمعات العربية من تقدم.

فخلال زيارتى الأخير ةلمنطقة شمال سوريا، فوجئت بدعوة لزيارة قرية غريبة لـ "النساء فقط" تم تشييدها بمعرفة مجموعة من النساء فى بلدة تدعى "سرى كانيى" تبعد عدة كيلو مترات عن مدينة "درباسية".

وتضم القرية "المخالفة للطبيعة" والتى لا مكان فيها لرجل واحد، مجموعة من "المطلقات، والأرامل، ومن لديهن مشاكل اجتماعية، وحالات إنسانية" ووضعت إدارتها "عدم الزواج، أو الارتباط" شرطا للإقامة بها، وفى حالة شروع المرأة فى إقامة مثل هذه العلاقة، يتم طردها على الفور من القرية.
حصانة للبيع
وعلى الرغم من غرابة الفكرة، إلا أنها تتم فى العلن، ودون أدنى معارضة من الرجال أو النساء فى سوريا، بل تحظى بترحيب كبير من الساسة فى منطقة الشمال السورى، الذى يخضع لإدارة "مجلس سوريا الديمقراطى".

وقد تم تشييد القرية على شكل مثلث مكون من 30 منزلا فقط، تم تشييدها بالكامل من الطين والطوب اللبن، مع أسقف خشبية، بحيث تستوعب نحو 200 فرد فقط، كما تضم القرية مستودعا ضخما لتخزين المواد الغذائية، و8 مبانى أخرى تضم مدرسة، وأكاديمية للعلوم النسائية، ومستشفى للطب البديل يعتمد على العلاج بالأعشاب والمواد الطبيعية، ومتحف يضم كل ما يتعلق بالمرأة من أعمال وصور وقطع أثرية وتراثية، مع مبنى خاص يضم إدارة القرية،

ولأن الفكرة غريبة، وتحوى فى مضمونها ذات "الهلاوس النفسية" التى تدعى "اضطهاد واستعباد واستغلال المرأة" من قبل الرجال، فقد كان لابد لى من مناقشة فلسفة إقامة تلك القرية الغريبة مع "رومت ماردين" المشرفة على مشروع "قرية بلا رجال".

حيث قالت لى "رومت" بكل ثقة: لقد تم استوحاء فكرة "القرية المرأة" بمعرفة منظمات نسوية فى منطقة الشمال السورى، ومن خلال كتابات زعيم حزب العمال الكردستاني "عبدالله أوجلان" التى دارت بعضها حول العودة إلى التاريخ والنشأة الأولى للإنسان، حيث كانت المجتمعات تدير نفسها بنفسها، ضمن قيم وقوانين اجتماعية تعتمد على أسلوب الحياة الجماعي والعيش المشترك، وكان للمرأة الدور الأساس فيه، ومن هنا جاءت فكره القرية، فى محاولة للعيش الطبيعي، بعيداً عن التطور التقني والغذائي والقوانين الوضعية، فى مجتمع تديره المرأة، ومن خلال اقتصاد يعتمد على ما ستزرعة وما ستنتجه من أعمال يدوية بمفردها.
"إرهابى" فى قلب أمريكا
وعن علاقة المقيمات بالقرية بالرجال قالت لى"رومت": لا يحق لاى امرأة أو فتاة العيش هنا، سوى بالالتزام بالشروط والقوانين الاجتماعية التي وضعناها كـ "دستور" فلا مكان للرجل في القرية، ولا مكان لسلطة الذكور، والذهنية الذكورية التي تستعبد المرأة، وتراها مجرد سلعة أو جسد ومتعة، ورغم ذلك فنحن لا نعارض فكرة الحب أو ارتباط المرأة، ولكن على أي امرأة إن أرادت ذلك أن تخرج من القرية.

للأسف، هكذا صار حال المرأة العربية، وهكذا صارت "عقدة الاضطهاد" الأزلية لديها، على الرغم مما وصلت إليه من "سيطرة ونفوذ وتجبر" داخل المنازل وخارجها، ورغم ذلك مازال لديها إصرار على العيش فى ذات "الهلاوس النفسية" التى لا وجود لها على أرض الواقع، والادعاء ظلما بـ "سيطرة، واستعباد، واستغلال" الرجال المساكين، وربنا على كل ظالم.. وكفى.
الجريدة الرسمية