سمير "المصري" حكاية بطل رحل أمس !
يحق ان نحزن لفقدان القوي الناعمة المصرية بعض رموزها أمس وأمس الاول برحيل سناء شافع وشويكار.. الأول أمتعنا كثيرا رغم أن تدريس التمثيل أخذه من التمثيل نفسه.. والثانية حالة مدهشة وعجيبة في الفن المصري تستحق التوقف..
فهى صاحبة الجبروت في "ادهم الشرقاوي" واللعوب في "دائرة الانتقام" والعاشقة في "حبي الوحيد" هي نفسها التي أضحكت كل العرب في المسرح والسينما والتلفزيون والاذاعة والاخيرة كانت بطلة المسلسل الاذاعي الرمضاني الكوميدي سنوات طويلة وبما يتطلب مقالا مستقلا عنها!
التطبيع وعظمة شعبنا !
لكن خليط الفن مع
الوطنية والتضحية والبطولة وعالم المخابرات الغامض والمثير نجده عند الراحل سمير الاسكندراني
الذي افتقدناه أمس الأول ليسدل الستار علي مسيرة طويلة وحياة حافلة بالنغم وأشياء أخري..
الطالب الموهوب الذي
يذهب للدراسة في الضفة الأخري من "المتوسط" حيث أوروبا وما فيها.. ويوم
ما قالوا لنا الحكمة التالية: "إذا أردت دراسة الاقتصاد فاذهب إلي بريطانيا
وإذا أردت دراسة القانون فإذهب إلي فرنسا وإذا أردت دراسة السياسه فاذهب إلي أمريكا
وإذا أردت دراسة الموسيقي فإذهب إلي النمسا.. وإذا أردت دراسة النحت والرسم فاذهب الي
ايطاليا"!
وإلي الأخيرة ذهب
سمير الاسكندراني.. يرونه أعداء مصر صيدا ثمينا.. ولكن بحسه الوطني قبل الأمني يستشعر
الخطر ويدرك إنه في فخ للموساد الاسرائيلي.. ولا يواجه الخطر بالانفعال إنما بالحذر.. ويعود إلي القاهرة ليرفض الحديث إلا أمام جمال عبد الناصر شخصيا!
وفي غرفة الإستقبال ببيت عبد الناصر بمنشية البكري يكون اللقاء.. وتكون الخطة في خطوطها الرئيسية.. إنما في أحد مقرات المخابرات العامة يكون التدريب وتكون التفاصيل.. وفي قصر الرئاسة يكون تكريمه وتقديم الشكر له بعد أشهر من الجهد والسفر والخطر ليقدم لمصر شبكة تجسس كاملة وعليها ضابط اسرائيلي وبعض العملاء في الخارج مع خطة تجنيد المغتربين المصريين والعرب!
لجنة تحقيق عربية !
وفي القاهرة.. يغني
للعمل وللانتاج وللمساوة من مظاهر الستينيات من كلمات عبد السلام امين ولسيد مكاوي
اللحن الخالد "يارب" التي اشتهرت ب "اخواتي تلبس وتاكل" لكن
نفسه الذي يغني هذه الانغام الشرقيه بروح مصرية خالصة هو نفسه من يمزج الألحان الشرقية بالغربية فيما بعد حتي أن اغنية تراثية مثل "يا نخلتين في العلالي" يمزجها
بكلمات انجليزية ويغنيها المطرب المصري المهاجر "كريم" وتتحول الي لحنا
عالميا في حين يقول البعض إنه من أخذها من "كريم" ومن أغنية الشهيرة "خذوني إلي القاهرة"!
سمير.. الذي لا يمكن
وصفه إلا بأنه "سمير المصري" وقد رأيناه صديقا لبعض الزملاء في جريدتنا
"الاحرار" يزورهم بهدوء وأدب لا مثيل لهما.. عطوفا محبا للفقراء وللبسطاء
وللخير وبما يستحق حزن شعبنا عليه الساعات الماضية ويبقي أجمل مشاهد وداعه علي الإطلاق
هو إصرار معظم المصريين علي إنه "البطل الذي هزم الأعداء واذلهم" وكانت
رسالة إلي عبقرية المصريين وكيف يعرفون عدوهم الحقيقي.. رغم أي معاهدات.. ورغم أي هدنة حتي بعد ألف عام!