القيمة الاقتصادية للاستثمار فى تعليم أبنائنا
من منطلق الاستثمار فى الإنسان وتنمية العنصر البشرى نجد بداية أنه مع نهاية كل عام تكون هناك وقفة لإعادة النظر فى توجيه
المدخرات والاستثمارات وتقييمها لبيان العوائد المادية منها وذلك سواء كان
على مستوى الأفراد أو المؤسسات.
واليوم لنا وقفة مع استثمار من نوع آخر وهو الاستثمار فى تعليم
أبنائنا، فلا يرتبط الاستثمار فقط بالمشاريع الاقتصادية فمعظم مقالاتى وأبحاثى كانت تدور حول الاستثمار فى المشاريع الاقتصادية ومدى جدواها، ولكن اليوم نلقى
الضوء على استثمار من نوع آخر يعد من أفضل الاستثمارات على المدى المتوسط والطويل، فما من بيت إلا وله
من الأبناء فى المراحل التعليمية بدرجاتها المختلفة وهو بحق يهم قاعدة عريضة من أفراد المجتمع.
فرحة عمرنا
والجدير بالذكر أن هناك اتفاقا بين جموع العلماء والباحثين على أن أفضل أنواع الاستثمار فى الأبناء هو فى مجال التعليم
فالاستثمار فى تربية الأبناء هو الاستثمار الفعال فأى صرف
لأموالنا فى تأهيل وتعليم أبنائنا فهو
يعد صندوق الاستثمار الصحيح وكان التسأول هل يتم ترك للأبناء أرصدة فى البنوك أو عقارات وغيرها فكانت
الإجابة بأهمية الإنفاق على تعليمهم
وتأهليهم لتكوين الأساس المتين لمواجهة الحياة العملية المستقبلية لهم.
ولا يقتصر الأمر هنا فقط على اختيار المدرسة للأبناء أو مساعدتهم عند الالتحاق للمرحلة الجامعية ولكن هناك جوانب أخرى فى جميع مناحى الحياة لا بد من أخذها فى الاعتبار فى هذا الصدد نذكر منها تعليمهم مهارة كيفية التعامل مع المتغيرات
السريعة بالمجتمع، وهنا نؤكد على أهمية عدم إجبار الأبناءعلى اختيار تخصصات قد لا تتناسب معهم أو قد لا يبدعون فيها
وهذا فعلا يؤثر عليهم كأفراد داخل المجتمع وعلى درجة وإمكانية عطاؤهم فى ذلك المجال.
ونجد أن الاستثمار فى الأبناء هو من الأهداف الإستراتيجية للُأسر والتى أخذت على عاتقها توفير كافة الإمكانيات حسب المستطاع لتحقيق ذلك الهدف ونقلهم من مرحلة تعليمية إلى أخرى والعمل على تنمية الإبداع لديهم وذلك من منطلق الإيمان بجدوى التعليم بمستقبل
آمن وكما أشرنا أن كان العائد من الاستثمار فى رأس المال المادى يمكن التنبؤ به خلال فترة زمنية محددة نجد أن الاستثمار فى تعليم أبنائنا تظهر ثماره على المدى
المتوسط والطويل.
فنحن لا نرى آثار ما يتم بذله مع الأبناء فى نفس الوقت ولكن
مع مرور الأيام يكون حصاد ماتم غرسه فيهم من بناء إيجابى. ومن جهة أخرى نجد معظم الدول
لاتبخل على إنفاق الأموال فى حقل التعليم بما يعزز الخبرات لدى أبنائها وبما سيعود بالعائد
الإيجابى على الدولة من خلال تأسيس جيل واعد يشارك فى
دعم قطار التنمية بتلك الدول..
فلم يعد الأمر ثانويا بل أصبح ضروريا بما يمثله من
قيمة مضافة بالمساهمة والمشاركة فى التنمية الاجتماعية والاقتصادية والعلمية وأصبح أولياء الأمور على قناعة تامة بمردود الاستثمار فى تعليم أبنائهم، ونجد أن الأمم المتقدمة قد أخذت على عاتقها هذا
المنهج بالاعتناء بأبنائها من خلال توفيرأسس التعليم المتواكب مع متطلبات العصر واحتياجاته.
وهنا يجب أن نشير لبعض النقاط المهمة للآباء تجاه أبنائهم حسب آراء كثير من الباحثين
منها ألا يقتصر الاستثمار على الأبناء بالمال فقط بل لا بد من توفير جزء من وقت الآباء للجلوس مع الأبناء والتواصل معهم ومعرفة مالديهم من أفكار أو صعوبات والعمل على تقديم التوصيات المناسبة لهم، فهو أمر فى غاية الأهمية خاصة فى عصرنا الحالى بما
يتسم بالسرعة فهو عصر الإنترنت والفضائيات ولإبعاد أي خطر قد يحيق بهم وهذا يتطلب من الآباء أن يكونوا قريبين أكثر من أبنائهم..
وأن يعمل الآباء على بناء الشخصية المتميزة فى أبنائهم وتوسيع إدراكهم والتمرين على كيفية التفكير والتحليل لأى موضوع وبث الوازع
الدينى وبيان أهمية الأخلاق فى تكوين شخصيته والامتثال للصفات الطيبة فى كافة معاملاته مع الآخرين.
مهنة الصيدلة المفترى عليها!
ونحن نعلم مدى ضيق وقت معظم الآباء لظروف عملهم والتزاماتهم الأخرى وهنا يتطلب الأمر منه أهمية تنظيم الوقت بما يتيح
له التوازن بينهم سواء للعمل أو الأسرة والتواصل الاجتماعى مع الأهل والأصدقاء..
إن ما نؤكد عليه هو
مدى أهمية وجدوى الاستثمار فى تعليم
أبنائنا ومن الجدير بالذكر أن نتائج هذا الجهد لا يظهر فى نفس الوقت ولكن سيتم حصد نتائج هذا الجهد
كما أشرنا على المدى الطويل وهو مايتطلب الصبر من الجميع.
هنا نوصى بأهمية تكاتف أطراف المنظومة بداية من الأسرة والمدرسة والدولة بكافة أجهزتها والأبناء وهم الأساس بمعرفة مايقوم به الآخرين من أجلهم وأيضا لا نغفل دور وسائل الإعلام بزيادة الوعى فى هذا الصدد كذلك إعداد مناهج تهدف لبيان أهمية الاستثمار فى التعليم وقيام كل طرف بالدور المنوط به
لجنى ثمار ذلك الاستثمار وبما له من قيمة مضافة اقتصاديا واجتماعيا والذى يمثل الأساس لرقى أي أمة وتقدمها.