إحسان عبد القدوس يكتب: اللهم احفظ جبهتنا الداخلية
فى مجلة روز اليوسف ومع أول انتخابات برلمانية مصرية بعد الثورة أجريت عام 1957 كتب الأديب الصحفي إحسان عبد القدوس مقالا قال فيه:
تمنيت لو أن المرشحين فى الانتخابات التشريعية كفوا عن توجيه الاتهامات الوطنية التي يكيلونها بعضكم لبعض هذا يقول عميل، وهذا خائن، وهذا باع نفسه.
وهذا عميل لدولة كذا، هذا فاسد، وغيره وغيره من قائمة الاتهامات التي تطلق جزافا لمجرد محاربة البعض فى الانتخابات على سبيل إثبات الوجود فى الانتخابات وأنا لا أدافع عن أحد من المرشحين دون غيره، ولا أهاجم أحدا منهم ولا أؤيد أحدا منهم، ولكن هذه الاتهامات تسيء إلى سمعة جبهتنا الوطنية.. الجبهة التي صمدت أمام العدوان الثلاثى, وعجزت كل محاولات العدو عن تفتيتها، والتسلل خلال صفوفها، فكانت عاملا رئيسيا فى التوحد خلف زعيمنا والتخلص من العدوان.
وكان للاتهامات الوطنية مجال كبير قبل الثورة عندما فقد الناس ثقتهم فى النظام القائم، وبلغ الانحلال إلى حد أن أصبحت الشكوك تحيط بكل مشتغل بالسياسة، لكن الثورة قضت أربع سنوات فى تكوين جبهة وطنية متحدة نظيفة، واضطرت إلى اتخاذ إجراءات عنيفة لضمان عملية التطهير، ثم احتفظت لنفسها ـــ أى الثورة ــــ بحق الاعتراض على أى مرشح يمكن أن يشذ عن المبادئ الوطنية، أو يمكن أن تحيط به وبتصرفاته الشبهات.
ولا يعقل بعد ذلك.. بعد كل ذلك أن يكون الاتهام بالخيانة الوطنية، أو بالتعامل مع الجهات الأجنبية اتهاما سهلا يطلقه أى مرشح فى وجه منافسه إنما هو اتهام خطير.. خطير جدا، يجب أن يأخذ طريقا جديا وتتولاه جهات مسئولة.
إحسان عبد القدوس يكتب: ديكتاتورية الشعب
وليعترفوا فيما بينهم أن أى مرشح يدخل هذه الانتخابات.. هو مرشح طاهر نظيف.. بشهادة الاتحاد القومى الذى أعطاهم الإذن والموافقة لدخول الانتخابات.
إننا نريد أن نضع تقاليد جديدة مهذبة للمعارك الانتخابية، ونريد أن نصون سمعة جبهتنا الداخلية..و هى آخر ما حققته الثورة، وأهم ما تتميز به مصر عن كثير من الدول المجاورة.. اللهم احفظ جبهتنا الداخلية.