رئيس التحرير
عصام كامل

الملء الأمريكي الأول في لبنان بعد إخراج إيران!

لم تعصف قنبلة الأمونيا النووية بنصف العاصمة اللبنانية فقط، حين انفجر ما تبقي من ٢٧٥٠ طنا من مادة نترات الأمونيوم، بل تعصف حتى الآن بالطبقة السياسية الحاكمة.

 

تعبير الطبقة الحاكمة في لبنان لم يعد يشير إلى النخبة المعنية عادة في أية دولة بتداول السلطة.

 

أصبح التعبير لبنانيا صرفا، لأن المقصود عصابة السياسيين. الشعب اللبناني الذي تدهور اقتصاده، وهربت أمواله، وتعطلت كهرباؤه ومياهه وانتخاباته، وحكوماته، ثم فقد أمانه وسلامته ودمرت نصف عاصمته جراء الاستهتار وشيوع المسئولية وسيطرة إيران عبر حزبها اللبناني بقيادة حسن نصر الله.

 

ملاحظات على جائحة الأمونيا النووية!

 

يعتبر حكومته، ومن حولها، ونظامه السياسي كافة مجموعة من العصابات. من أجل هذا كانت الثورة قبيل كورونا تطالب بخروجهم جميعا. اليوم وبعد تدمير نصف بيروت، علق الشعب المشانق، لحكامه، في يوم غضب عنيف، جرت أحداثه أمس، واقتحم الغاضبون مقرات ثلاث وزارات هي الخارجية والبيئة والاقتصاد، فضلا عن تدمير مول تجارى وسط بيروت، واقتحام نقابة المصارف.

 

وانطلقت رصاصات من طرف ثالث ، كالعادة طبعا ، كان بملابس مدنية وسط المحتجين. بعد سفر الرئيس الفرنسى مباشرة ، اندلعت الاحتجاجات ، وكان المواطنون طالبوه بتأييد الثورة ، ومنهم ٣٦ ألفا وقعوا علي وثيقة تدعوه لاحتلال لبنان وإعادتها تحت الانتداب..


ويعرف السياسيون اللبنانيون كافة أن الانفجار الأعصارى عصف بهم بلا رجعة، وبخاصة أن الانتخابات البرلمانية التى دعا إليها حسان دياب رئيس الحكومة اللبنانية المنكودة أمس، لابد أن تجرى على أساس وطنى وليس محاصصة ولا طائفية، وكان ماكرون أجلسهم جميعا، ممثلي المعارضة والطوائف، أمامه كالتلاميذ في فصل دراسي وراح يحاضرهم ويحذرهم وينبههم، كما قالت الفيغارو الفرنسية!

 

قفزة الحمار التركي !

 
سقط إذن اتفاق الطائف ١٩٨٩، الذي وضع نهاية للحرب اللبنانية الأهلية... وأتاح رسميا وعربيا شرعية الوجود السوري المسلح، حتى أخرجه بالأمر والتهديد الصارم بشن الحرب على دمشق الرئيس الأمريكي مدمر العراق، جورج بوش الابن.. وتلك قصة أخرى طويلة..


واليوم الأحد ينعقد مؤتمر المانحين لدعم لبنان ماليا، بينما الشعب اللبناني يعتبر حكومته غير أمينة علي الفلوس القادمة، وغير أمينة على أية مساعدات، ويراها فاسدة، وطمأنهم ماكرون أن الأموال لن تذهب للمسئولين.

 

أمريكا وبريطانيا وفرنسا زعيمة الحملة الدولية للتعاطف مع لبنان، وألمانيا، ودول عربية غنية ستوفر غطاء ماليا مناسبا، سيكون بالمليارات في الشو الإعلامى، ويتقلص إلى بضعة ملايين في الواقع...


وإذا كان لنكبة بيروت من جانب مفيد، فهو مطالبة فرنسا لترامب بإعادة النظر في العقوبات الأمريكية المتوالية على إيران، وحظر تدفق الاستثمارات في لبنان بحجة مشاركة منظمة إرهابية في الحكومة اللبنانية، وفي البرلمان اللبناني والمقصود بالطبع حزب الله المصنف إرهابيا في الأدبيات السياسية الأمريكية.

 

الخلاصة: إثيوبيا خصم يستحق العقاب

 

ومن نتائج مكالمة ماكرون مع ترامب تظهر ميول أمريكية لتفهم وجهة النظر الفرنسية بعدم ترك الساحة فارغة تملؤها إيران وتفرض سطوتها وسياستها.
ولا بد أن الاحتجاجات الشعبية العنيفة عشية مؤتمر باريس للمانحين الدوليين، هي رسالة صارخة، ليس طلبا للمال الدولي فحسب، بل طلبا للدعم الدولى للإطاحة بطبقة فشلت في إدارة أمور الدولة لعقود طويلة نتيجة التوازنات والمواءمات والتدخلات الأجنبية.


نتصور أن هذه الطبقة برمتها.. احترقت مع عاصفة النار الهائلة.. ورمادها.. لا يزال يتناثر، ويعافر من أجل جذوة ترد إليه الحياة.


النظام السياسي اللبناني أصبح من الماضى.. رغم قبلة الحياة من المانحين العرب والأجانب. وكرة الأمونيوم لا تزال تتدحرج وتحلق معا: على الأرض وفي الجو.


الجريدة الرسمية