لبنان ودفاتر فرنسا القديمة!
ببساطة.. دعونا نفترض إن انفجار بيروت بسبب إهمال وسوء تخزين لمواد
متفجرة.. لا فاعل ولا هجوم.. لكننا أمام بلد -شقيق وحبيب- قابل للتفجير السياسي والطائفي
في أي لحظة ومطلوب تفجيره طائفيا على الدوام وهو في كل الأحوال حتى بغير التفجير الأخير
يعيش فوق أرض ملتهبة قابلة للاشتعال!
في الخمسينيات تدخل جمال عبد الناصر لمنع كميل شمعون من استقدام الامريكان إلى لبنان واستجاب الوطنيون القوميون اللبنانيون له وطردوا المارينز الأمريكان وتدخل كذلك لمنع تركيا من دخول سوريا وتدخل كذلك لمنع عبد الكريم قاسم من احتلال الكويت وقبل استقدام الأمريكان أو عودة الإنجليز..
هذه التدخلات السياسية التي لم تطلق فيها رصاصة مصرية واحدة كانت تتم بنفوذ سياسي طاغ وبرابط ونداء القومية العربية التي تعرضت لهجوم كاسح لإبعادها عن عقول العرب، ولم يكن ذلك من اسرائيل وأعوانها فحسب إنما اتضح لنا إن أنصار القوميات الأخرى التركية والفارسية كان يعنيهم ذلك أيضا!
الآن.. غابت القومية العربية وباقي القوميات موجودة.. ونقف أمام عالم تزاحم فيه الصين أمريكا على التواجد
على كوكب الأرض ولم تفلح حتى اللحظة كل المحاولات الامريكية منعها.. لا بإشعال الأوضاع
في هونج كونج ولا بأزمة الإيجور ولا باتهامات كورونا ولا بصراع هواوي وفرض الضرائب
الأمريكية على منتجاتها..
وبينما ذلك يجري وروسيا بوتين تعيد مجدها القديم حتى وصلت إلى مياه المتوسط الدافئة وتمتد يدها من سوريا إلى فنزويلا يتصور ماكرون إنه أولى باستعادة مجد فرنسا القديم واعتقادها إن أهم دوائر نفوذها هو البحر المتوسط الذي تريده بحيرة فرنسية يمتد النفوذ من سوريا ولبنان إلي تونس والجزائر والمغرب ومن هنا جاء الغضب الفرنسي من البلطجي التركي وليس حبا في ليبيا..
التركي الذي بتصرفاته يقطع احلام ماكرون.. التي تمتد مستعمراته القديمة إلى ما وراء ليبيا في كتلة ممتدة من تشاد ومالي والكونغو وبنين والسنغال وساحل العاج إلى بوركينا فاسو والنيجر وتوجو والجابون.. وباتت مهددة من امتداد الإرهابيين من ليبيا إلى مالي إلى نيجيريا!
المجرم في ليبيا!
العالم يلعب شطرنج.. وهناك
من يلعب وهناك من يتفرج وهناك من ارتضى أن يكون قطع الشطرنج نفسها!
في عالم كهذا يكون
الأمن ممتدا من وإلى.. من منطقة مستهدفة إلي منطقة مهددة.. ولا حل إلا بأمن المنطقة.. الأمن
الجماعي.. الأمن الأحادي للدول أوصل المنطقة إلى ما هي عليه.. السعودية تترك لبنان
يسقط لسيطرة حزب الله عليه وإيران لا تملك إنقاذه فالحصار أنهكها هي نفسها وقطر لا
تتدخل ليس خوفا من السعودية بل لعدم إغضاب أمريكا التي تحاصر إيران في لبنان وأخيرا
فرنسا التي تفتش في دفاترها القديمة لتنزع الكل بما فيهم أمريكا نفسها!