الخطوة الأولى لحل الأزمة الليبية!!
لقد تعرضت ليبيا العربية إلى مؤامرة حقيقية بهدف تقسيمها وتفتيتها والاستيلاء على ثرواتها منذ أطلقت الولايات المتحدة الأمريكية إشارة البدء للربيع العربي المزعوم في نهاية العام 2010 وبداية العام 2011..
وليبيا العربية بدأت الحرب عليها مبكرا جدا وقبل انطلاق الربيع المزعوم بسنوات طويلة فالتوجهات القومية العروبية الوحدوية المبكرة لقائدها الشهيد معمر القذافي لم تكن لتعجب الامبراطورية الامريكية الاستعمارية خاصة عندما بدأ تطويرها تجاه إفريقيا بعد انسداد آفاق تحققها عربيا..
وبالفعل كان تمدد أدوار ليبيا في إفريقيا يزعج الغرب الاستعماري بشكل كبير فكانت التهديدات والعقوبات الدولية والحصار الاقتصادي والحظر الجوي هى سلاح أمريكا والغرب ضد ليبيا العربية وقائدها معمر القذافى.
الذكرى الثامنة والستون لأم الثورات!!
وحين اشتعلت نيران الربيع العربي المزعوم كان الثوب الليبي أول من احترق,
وبدعم من الجامعة العربية تم إتخاذ القرار لغزو ليبيا بواسطة
حلف الناتو، وكان الصمود الأسطوري للشعب العربي الليبي وجيشه وقائده
والذي استمر لثمانية أشهر كاملة قامت القوات الغازية خلالها بتنفيذ أكثر من 26 ألف
طلعة جوية, وكانت النتيجة الحتمية هى اغتيال القائد البطل الذي رفض الاستسلام وظل يدافع
عن وطنه حتى الرمق الأخير وفضل الاستشهاد على الاستسلام للعدو الغازي.
ولسنا في حاجة لتأكيد
أن كل عوامل الثورة المزعومة ليس لها أي مبرر أو وجود في المجتمع الليبي الذي كان متوسط
دخل الفرد فيه من أعلى متوسطات الدخول في المنطقة العربية, وكان يتميز بتوافر كل سبل
العيش الكريم والعدالة الاجتماعية بل والرفاهية للغالبية العظمى من المواطنين حتى في
ظل الحصار الاقتصادى الرهيب والطويل..
وقد شاهدنا ذلك بعيوننا, وكانت ليبيا دائما حاضنة فعلية لكل العرب وأولهم الشعب المصري فكما كانت العراق حاضنة وبكرامة للعمالة المصرية كانت ليبيا أحد أهم الدول العربية التي فتحت أحضانها للمصريين فكان بها ما يقرب من 2 مليون مصري يتمتعون بكامل حقوق المواطنة وكأنهم ليبيون..
وبعد الغزو عاد الكثير منهم ليشكلوا ضغطا رهيبا على الاقتصاد المصري, مما يهدد الأمن القومي الاجتماعي, ولم تتوقف المسألة على ذلك بل أصبحت حدود مصر الغربية في خطر نتيجة لما حدث ويحدث في ليبيا منذ مطلع العام 2011.
جمال عبد الناصر والأمن القومي المصري !
لقد أدت الأحداث
الدامية في ليبيا إلى حدوث تحولات اجتماعية واقتصادية وسياسية وثقافية هائلة أثرت دون
شك على البناء الاجتماعي واستقراره وضربت النسيج الاجتماعي المتماسك للمجتمع الليبي
وأصابته في مقتل, وكانت نتيجة تلك التحولات حدوث انقسام سياسي حاد, واحتراب داخلي,
ومليشيات مسلحة, وانتشار السلاح بشكل عشوائي يقدر بخمسة وعشرون مليون قطعة سلاح..
هذا بخلاف 2 مليون مهجر خارج البلاد في دول الجوار مصر وتونس والمغرب, إلى جانب النازحين بالداخل ففي تاورغاء 40 ألف نسمة خارج مدينتهم التي هدمت على رؤوسهم, هذا بخلاف المخيمات في المدن الليبية, وتفتيت وحدة القبائل الليبية التي تقدر بحوالى 2000 قبيلة, وأخيرا تدمير البنية التحتية لكل المدن الليبية بفعل القصف الجوي الوحشي لقوات الناتو الغازية.
وفي ظل هذه الظروف
بدأ شبح تقسيم وتفتيت ليبيا يلوح في الأفق, ففي ظل الحرب الأهلية وإنتشار المليشيات
المسلحة لم تعد هناك دولة ليبية حقيقية أو نظام سياسي واحد بل أصبح على الأرض برلمان
وجيش وطني وحكومة مؤقتة فى الشرق, وحكومة ثانية فى الغرب, هى حكومة الوفاق التى تم
تشكيلها تحت مظلة دولية وفق اتفاقية الصخيرات بالمغرب, والتي فشلت في مهامها وسقطت
شرعيتها ولكنها جلبت المليشيات الإرهابية أولاً, ثم جلبت العدو التركي عبر اتفاقيات
سياسية وأمنية غير مشروعة, قام على أثرها أردوغان بجلب مزيد من الإرهابيين خاصة الذين
كانوا موجودين في الشمال السوري.
والواقع على الأرض
الليبية تخيم عليه سحابة التقسيم والتفتيت, خاصة بعد أن تمكنت قوى الإرهاب من الدخول
والتغلغل داخل بنية المجتمع الليبي, وهو ما يهدد الأمن القومي المصري بشكل حقيقي.
هل تسقط منظمة الصحة العالمية ؟
لذلك عندما تطورت الأحداث مؤخرا ودخل العدو التركي على الخط بعد أن أخذ
إشارة البدء من العدو الأمريكي وحليفه الصهيوني كان التدخل المصري السريع والعاجل والحاسم
في ذات الوقت حيث قامت مصر برعاية المبادرة الليبية بالقاهرة, وقام الرئيس السيسي باستقبال
عقيلة صالح رئيس البرلمان وخليفة حفتر قائد الجيش الوطني وتم إطلاق المبادرة وطرحها
على المجتمع الدولي, ثم أعلن الرئيس السيسي أن سرت والجفرة خط أحمر أمام القوات التركية
المعتدية وهو تطور جديد وكبير للتدخل المصري المباشر للدفاع عن الأمن القومي عبر البوابة
الليبية.
لكن وعلى الرغم من ذلك فكل يوم يزداد الأمر تعقيدا علي مستوى حل الأزمة
الليبية, فالمجتمع الدولي لا يسعى بشكل جدي لحل تلك الأزمة بل يساهم في تعقيدها لإستمرار
القوى الاستعمارية في سرقة ونهب ثروات الشعب العربي الليبي, وإستغلال الموقع الجيواستراتيجي
لليبيا فالقوى الاستعمارية المختلفة تحلم بإقامة قواعد عسكرية على الأرض الليبية مثلما
كان في الماضي وتخلص منها القائد الشهيد معمر القذافي..
لذلك فالخطوة الأولى لحل الأزمة الليبية هى إنجاز مصالحة وطنية حقيقية دون استبعاد أى طرف ليبي, ولا يمكن أن تتم هذه المصالحة إلا برعاية مصرية, وبذلك نضمن الحفاظ على وحدة ليبيا العربية, وفي نفس الوقت الحفاظ على الأمن القومي المصري, اللهم بلغت اللهم فاشهد.