الذكرى الثامنة والستون لأم الثورات!!
حلت علينا هذا الأسبوع الذكرى الثامنة والستون لثورة 23 يوليو 1952 وعلى الرغم من مرور ما يقرب من سبعة عقود على قيامها, إلا أنها ما زالت تثير العديد من القضايا الإشكالية، فمؤيدوها ما زالوا يحتفلون بالذكرى ويمجدون زعيمها..
الذى انتصر للفقراء والكادحين والمهمشين وحقق لهم إنسانيتهم وأعاد إليهم كرامتهم المهدرة داخل وطنهم, وحقق انتصارات وضعته في قلوب الملايين سواء في وطنه الأصغر وطنه العربي الأكبر بل ومن قبل كل الأحرار في العالم, ورغم الانكسارات ظلت الجماهير متمسكة به باعتباره القائد والرمز والأمل القادر على تجاوز الصعوبات والمحن, وعند وفاته خرجت الجماهير في أماكن عديدة على سطح المعمورة كالطوفان لتودعه ولتخلد ذكراه.
جمال عبد الناصر والأمن القومي المصري !
أما معارضوها فما زالوا
يستغلون الذكرى ليجددوا الهجوم عليها وعلى زعيمها ويصفونهما بكل نقيصة, ويحاولون تشويه
كل إنجازاتها بل وصل الأمر للخلاف حول مسماها ذاته وهل هى ثورة أم لا ؟
ولا شك أن هؤلاء المعارضون المهاجمون للثورة وزعيمها قد أصابهم بعضا من ضرر نتيجة قيام الثورة وانحيازها لجموع الشعب، وبالتالى سحبت من تحت أقدامهم جزءً من ثروة وسلطة ومكانة كانوا يحصلون عليها قبل قيام الثورة في ظل حكم ملك غير مصري ( ألباني ) استولى على الحكم بالوراثة, ومندوب سامي للمحتل البريطاني كان هو الحاكم الفعلي للبلاد..
وكان آباء وأجداد المهاجمين للثورة وزعيمها اليوم يحصلون علي الثروة والسلطة والمكانة من خلال قربهم وتقديم فروض الولاء والطاعة للملك والمندوب السامي.
وما بين هؤلاء المؤيدون
أولئك المعارضون يدور دائما السجال لكن الغريب في الأمر حقا هو اتساع دائرة المعارضون
لتضم إليها أبناء وأحفاد بعض من انتصرت لهم الثورة من أبناء الفلاحين المعدمين الذين
كانوا يعملون بالسخرة وفي ظل ظروف غير إنسانية لدى البشوات الذين منحتهم أسرة محمد
علي ( الألباني ) مئات وآلاف الأفدنة دون وجه حق فقط لأنهم كانوا يعملون في خدمة البلاط
الملكي, وجزء من حاشية الملك المغتصب لثروات الوطن..
الإرادة الشعبية في مواجهة ديلسبس !!
ويأتي تطاول هؤلاء على الثورة وزعيمها في محاولة لإخفاء أصولهم الاجتماعية الحقيقية بعد أن تمكنوا من الصعود لأعلى السلم الاجتماعي بفضل الثورة وإنجازاتها على كافة المستويات.
وعندما تسأل هؤلاء
هل كان أبوك أوجدك باشا منحه الملك قطعة أرض من الخاصة الملكية, فتكون الإجابة لا كان
أبي وجدي فلاح معدم حافي القدمين, حصل على خمسة أفدنة بفضل الثورة وقانون الإصلاح الزراعي,
ولدينا داخل البيت صورة للزعيم جمال عبد الناصر وهو يسلم أبي أو جدي صك الملكية, وبفضل
هذه الأفدنة الخمس استطاع أبي أو جدي تعليمنا ودخولنا للجامعة بعد أن أصبح التعليم
مجاني بفضل الثورة..
وبعد التخرج حصلنا على وظيفة بفضل القوى العاملة التي أنشأتها الثورة, وأرسلنا لبعثات بالخارج وعدنا لوظائفنا المحفوظة وتدرجنا بها إلى أن أصبحنا في مكانة مرموقة توازي مكانة البشوات في العصر الملكي, إذن لماذا تهاجمون الثورة وزعيمها؟! وهنا تجد إما عجزا عن الإجابة أو إجابات خارج نطاق العقل والمنطق.
ومن القضايا الخلافية
على الثورة حتى الآن هو مسماها فالمعارضون لها ما زالوا يصفونها بالانقلاب في محاولة
للتقليل من شأنها والنيل منها, ولهؤلاء نقول أن الثورات لا يحكم عليها إلا بنتائجها,
فالتعريف العلمي للثورة يقول: " أنها إحداث تغيير جذري إيجابي في بنية المجتمع
الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية".
ومن هذا المنطلق يمكننا التأكيد وبما لا يدع مجالاً للشك أن ما حدث في 23 يوليو 1952 هو ثورة بكل ما تحمله الكلمة من معنى, فقد أحدثت الثورة تغييرا جذريا إيجابيا في بنية المجتمع على كافة المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية..
ومكنت الغالبية العظمى من المصريين من ثروات وخيرات بلادهم, وأحدثت تغييرا جذريا في البنية الطبقية فخلال أيام معدودة تحول الفلاحين الأجراء إلى ملاك وانتقلت ألاف الأسر من الطبقة الدنيا إلى الطبقة الوسطى مباشرة, وخلال سنوات معدودة أيضا انتقل ألاف آخرون من أسفل السلم الاجتماعي إلى أعلاه بفضل التعليم المجاني وفرص العمل.
وبعد كل ذلك يأتي من يحاول تشويه الثورة والنيل منها ومن زعيمها وانجازاتها فتجد من يهاجم تأميم قناة السويس ويدعو لعودة تمثال ديلسبس, ومن يهاجم السد العالي الذي حجب الطمي والأسماك خلفه, ومن يهاجم القطاع العام لسوء إدارته ويسعى لبيع ما تبقى منه, ومن يهاجم التعليم والصحة المجانية نظرا لعدم جودتهما, وإذا كان ذلك المهاجم من أبناء أو أحفاد بشوات ما قبل الثورة كان يمكننا أن نجد له العذر لهذا الحقد وهذه الكراهية للثورة وقائدها..
المواطن بين مطرقة كورونا وسندان الفقر!
لكن غالبية المهاجمين لها اليوم هم من أبناء الفقراء والمعدمين الذين لولا الثورة ما حصلوا على مكانتهم الحالية وكان وضعهم الحقيقي عمال زراعيين حفاة عراة يعملون بالسخرة لدى بشوات ما قبل الثورة كما كان وضع آبائهم وأجدادهم, وفي الذكرى الثامنة والستون للثورة نقول لهم عودوا إلى رشدكم فثورة 23 يوليو 1952 هى أم الثورات, اللهم بلغت اللهم فاشهد.