رئيس التحرير
عصام كامل

أمة في خطر!

ما أعجب ما نراه اليوم من أحوال أمتنا العربية والإسلامية.. فرغم أن تعاليم ديننا واحدة ومعتقداتنا وشعائرنا واحدة.. لكن مصالح دولنا تتقاطع وتتعارض اتجاهاتها لحد الصدام كما يحدث حولنا منذ فترة ليست بالقصيرة..

 

فهناك دول بعينها تتصارع للقفز على أدوار تاريخية لدول أخرى محاولة زحزحتها عن مكانتها الأصيلة؛ رغبة في تحقيق مطامع أنظمتها التي تستهويها أوهام الزعامة وحب السيطرة والرغبة في جني مكاسب زائلة ولو على أنقاض ما تبقى من وحدة أمتنا وصالحها العام.

 

لا تنسوا !


اليوم تعيش أمتنا أعظم مظاهر وحدتها ومناسكها الجامعة؛ ركن الحج الأعظم الموحد لما فرقته الأهواء والنوازع.. لكن "عرفة" جاء هذا العام بطعم مختلف بعد أن أوقفت جائحة كورونا تدفق الحجيج من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام، واكتفت المملكة السعودية بحج أعداد قليلة من المقيمين بها بما لا يتجاوز العشرة آلاف حاج مراعاة للظروف الوبائية التي لا تزال جاثمة فوق العالم حتى هذه اللحظة.

وليست فريضة الحج مجرد عبادة تؤدى دون مغزى ولا غاية بل هي مؤتمر جامع بشعائر موحدة أريد بها جمع كلمة الأمة دولاً وشعوباً، وتوحيد موقفها في مواجهة ما يعترضها من عقبات ويتهددها من مخاطر ..

 

الكل في صعيد واحد وزيٍّ واحد يبتهل لرب واحد بشعائر ونسك واحدة في وقت واحد،لا فرق بين أبيض وأسود أو غنى وفقير أو قوي وضعيف.. فماذا تحقق لأمتنا اليوم من مقاصد الحج .. هل اتفقت الإرادات وتوحدت المواقف أم تفرقت بنا السبل وباعدت بيننا المطامع..

 

ألا يقف الإرهاب الملتحف برداء الدين زوراً وبهتاناً على أبواب الجميع دون تفرقة أو تمييز.. أليست أزماتنا واحدة وهمومنا مشتركة، ويتهدد دولنا جميعاً بلا استثناء خطر التقسيم والتمزيق اللذين اجتاحا دولاً عديدة من حولنا ولم تقم لها قائمة على مرأى ومسمع من الجميع؟
دعاؤنا.. لعلها تكون ساعة إجابة!
ألم يكن أحرى بدولنا والحال هكذا أن تتوحد جهودها لدرء المخاطر المحدقة بها، وأن تتكامل اقتصادياتها وأن يكون لها قوة عسكرية مشتركة رادعة لأعدائها وخصومها، وعلى رأسهم الطاغية أردوغان الذي استباح أراضي سوريا والعراق، كما يعيث اليوم في ليبيا فساداً.

ما أحوجنا إلى التوحد على قلب رجل واحد في مواجهة معضلات عديدة، أهمها الفقر والتخلف والتطرف والفهم المغلوط للدين ومقاصده التي دعت لامتلاك أسباب القوة وجعلت المؤمن القوي خيراً وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف.. ولو حدث ذلك لكنا أمة قوية يعمل لها الآخر ألف حساب وما وصلنا لما نحن فيه من شقاق وضعف وفرقة تغرى أعداءنا لاستباحة حقوقنا وأمننا بلا خجل ولا ضمير.
فعلاً نحن أمة في خطر؟!

الجريدة الرسمية