حكم الشرع في تأخير الحج للمستطيع
ما حكم الشرع فى
شخص أتيحت له الفرصة أكثر من مرة ليحج ولكنه لم يحج حتى الأن، فهل يعاقب على هذا التأخير؟
ورد هذا السؤال فى الجزء الرابع -العبادات-
من موسوعة "أحسن الكلام فى الفتاوى والأحكام" لفضيلة الشيخ عطية صقر
الرئيس الأسبق للجنة الفتوى بالأزهر الشريف، فيقول:
الحج مفروض على المستطيع
كما قال الله تعالى وكما قال النبى صلى الله عليه وسلم وهو واجب فى العمر كله مرة واحدة
بإجماع العلماء، ولحديث البخارى ومسلم وغيرهما أن النبى صلى الله عليه وسلم لما أمر
الناس بالحج سئل أفى كل عام فقال "لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم".
اقرأ ايضا:
هل يجوز الاغتسال والتطيب فى مدة الإحرام؟
ولكن هل إذا توافرت
أسباب الاستطاعة وجب على الفور أداء الحج أو يجوز تأجيله إلى عام آخر؟
قال جمهور العلماء:
الوجوب على الفور، ويأثم من أخره إلى عام آخر، بحيث إذا مات تم محاسبته عليه إن لم
يغفر الله له، ودليلهم فى ذلك حديث أحمد وابن ماجه والبيهقى: "من أراد الحج فليعجل
فإنه قد يمرض المريض وتضل الراحلة وتكون الحاجة"، وفى رواية "تعجلوا الحج
فإن أحدكم لا يدرى ما يعرض له".
لكن الإمام الشافعى قال: إن وجوب الحج على التراخى،
بمعنى أنه لو أخره مع الاستطاعة لا يأثم بالتأخير متى أداه قبل الوفاة، ودليله أن الرسول
صلى الله عليه وسلم أخر الحج إلى السنة العاشرة، وكان معه أزواجه وكثير من أصحابه،
مع أنه فرض فى السنة السادسة من الهجرة، فلو كان واجبا على الفور ما أخره .
وقال الشافعى: ومع
ذلك فالأفضل التعجيل بناء على الأحاديث المذكورة التى حملها على الندب لا على الوجوب،
ويضم إليها حديث رواه ابن حبان فى صحيحه والبيهقى، أن النبى صلى الله عليه وسلم قال:
"يقول الله عز وجل: إن عبدا صححت له جسمه ووسعت عليه فى المعيشة تمضى عليه خمسة
أعوام لا يفد إلى لمحروم".
اقرأ ايضا:
وعندما قال الله
تعالى {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}
قال بعد ذلك {وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} قال الحسن
البصرى: المراد بالكفر هو الترك أى عدم الحج كالحديث الذى رواه
مسلم وينص على أن من ترك الصلاة فهو كافر، لكن ابن عباس ومعه المحققون من العلماء قالوا:
إن الكفر لا يكون إلا بإنكار الفريضة وجحود أن الحج واجب، لكن لو آمن الإنسان بأنه
مفروض وواجب ولكنه تكاسل فى الأداء فهو ليس بكافر بل هو مؤمن عاص، لو لم يحج مع الاستطاعة
يحاسبه الله بعد موته ويدخله النار إن لم يغفر له، ويكون مصيره النهائى هو الجنة.