رئيس التحرير
عصام كامل

مصر.. وتحديات طوق النار والدروس العشرة!

ليبيا بالنسبة للغرب هي الهلال النفطي، وللعثماني خزينة المال والثروة لتعويض خيبته، وبالنسبة لمصر أمن قومي لأن الحكاية من البداية هي حلقة ضمن حلقات المخطط الذي أفسدته وعطلته مصر في 30 يونيو 2013 بالشعار العبقري (يسقط حكم المرشد) وبالنداء الوطني الرشيد (انزل يا سيسي) والآن نحن نقترب من النهاية لإسقاط المخطط، واللي هيقرب ويجرب هيموت!

من أجل ذلك تعرض أمريكا اقتراحا بوضع الهلال النفطي الليبي تحت إدارة دولية.. طبعا الكعكة كبيرة ما بين نفط وغاز وثروة معدنية مطلوب اقتسامها وبين مكاسب إعادة الإعمار التي تصل مبدئيا إلى ما يزيد على 400 مليار دولار تدفعها ليبيا من ثرواتها ومقدراتها لتذهب إلى خزائن الغرب وتركيا.. والشعب الليبي يروح في الوبا! 

كفاية حوار طرشان في قضايا الوطن المصيرية

 
أمريكا والغرب وكل دول الاستعمار القديم لا يهمهم ديمقراطية، ولا حقوق إنسان، ولا مشاعر إنسانية، ولا حتى دينية.. كلهم يبحثون عن قطعة اللحم في أي مكان يأكلونها ويتركون العظم لشعوب الدول التي تسقط بفعل التبعية العمياء أو العمالة والخيانة، وهم دائما يبحثون عن والي عكا.. ومن المخجل أنهم استنسخوا والي عكا في كل البلدان الطامعين فيها..

إذا قرروا السرقة فلا يهم الوسيلة التي تتنوع وتتغير بين المال والوعد بالمنصب إلى استغلال التدين الكاذب.. وأحيانا بلا مقابل.. فالخائن بطبعه يبحث عمن يشتريه بالمال وإن لم يجد يعرض نفسه بلا مقابل حنين لا يطويه النسيان.. وهو لا يدري أن مصيره إلى مكب النفايات لا محالة!

مصر استوعبت الدرس مبكرا وكان القرار هو نوبة صحيان واستفاقة لن تعود معها عقارب الساعة إلى الوراء أبدا، أدركت مصر مبكرا أن عدوها الأول هو الزمن والوقت الذي يضيع بلا عائد.. وكانت الدروس:

* الدرس الأول.. ليس لدينا وقت نضيعه..

* الدرس الثاني.. اليقين بأن مصر لن تنكسر مهما ضاق عليها طوق النار.. ستنفذ منه لا محالة..

ماذا جرى للعرب؟
* الدرس الثالث.. فهم الأولويات.. وهو ما يعني أن مصر لو أرادت النجاة مما يدبر لها فعليها أولا أن تقرأ جيدا معنى مفهوم القوة الشاملة للدولة..

* الدرس الرابع.. أي نجاح يحتاج إلى قوة مادية تحميه وتدافع عنه..

* الدرس الخامس.. القدرة على إتخاذ القرار الصعب في الوقت المناسب.. وكم من القرارات الصعبة التي تم اتخاذها!

* الدرس السادس.. إذا أردت الإنجاز فليس لديك إلا اختيار واحد هو العمل المتواصل واضعا في الاعتبار عدوك اللدود.. الزمن.

* الدرس السابع.. القوة الشاملة تعني السير بخطي سريعة في كل عناصرها.. لأن كل عنصر يدفع في اتجاه العنصر الآخر ويصب فيه..

* الدرس الثامن.. الاستمرار في قراءة الصورة الكلية في المحيط العربي والإقليمي والدولي بنفس القدر والأهمية التي تقرأ بها الصورة الكلية في الداخل..

* الدرس التاسع.. قراءة الماضي وفهمه بشكل كلي وقراءة الحاضر بتفاعلاته وتداعياته واستشراف المستقبل والتحضير له..

* الدرس العاشر.. إذا قررت العمل فلا تلتفت إلي من يريدون تعطيلك أو إشغالك أو دفعك لاتخاذ قرار أو موقف يعطل مسيرتك ..

قدر مصر أنها قررت البدء في بناء قوتها الشاملة علي كل المسارات.. وكان لزاما عليها أن تفتح بجرأة –محسوبة- كل الملفات التي لم يكن مسموحا لها أن تفتحها علي مدار عقود سابقة، وكان مجرد الحديث في ملف واحد –ناهيك عن فتحه– يقلب علينا الدنيا!

والآن وبعد أن فتحت مصر الملفات الممنوعة (تنويع مصادر تسليح الجيش وتطوير قدراته الدفاعية والقتالية وتقدم ترتيبه عالميا ليتفوق علي جيوش قوي إقليمية– فتح دائرة العلاقات الدولية والخروج من التبعية للسياسة الأمريكية والغربية والنجاح في إقامة علاقات متوازنة قائمة علي المصالح المتبادلة باحترام–

2020 مصر ما تزال في طوق النار

تنفيذ برنامج اقتصادي صعب في ظروف داخلية أكثر صعوبة خصوصا علي الشعب وقد ظهرت نتائجه واستطاعت مصر الصمود في وجه الجائحة التي تهدد العالم والتفاصيل كثيرة– اقتحام مشكلة العشوائيات الخطرة والمزمنة والانتهاء منها– مواجهة مشكلة الطاقة– الدخول في صناعة البتروكيماويات وهي من الصناعات الدقيقة التي تحتكرها دول بعينها– إعادة رسم خريطة مصر ببنية تحتية كبيرة وشرايين من الطرق التي تربط الدولة– تنمية سيناء بشكل حقيقي وربطها للأبد بالوطن الأم..

كثير من الملفات ساهمت في بناء القوة الشاملة لمصر.. لذلك فهي بقدرة وثقة تخوض وفي وقت واحد حروب لا تقوي علي مواجهتها دول مستقرة.. حروب الأمن القومي في الغرب والشرق والجنوب، وحروب الغاز في شرق المتوسط، وحروب الإرهاب وكورونا ومواجهة الفساد والفاسدين في الداخل، وحرب التنمية والبناء علي كل مساحة مصر ..

إذا كانت مصر في قلب طوق النار كما يريدها أعداؤها فهي بعون الله قادرة علي النفاذ منه بسلام وأمن لأن بها شعب يدرك معنى الوطن، وقيادة وجيش مؤتمن عليها.

 

الجريدة الرسمية