صحة المواطن التزام بـ«نتيجة» أم بذل عناية؟
لا يخرج مفهوم الدولة في كل دول العالم عن كونها إقليم وشعب يعيش عليه، وسُلطةٌ تحكم ذلك الشعب في نطاق هذا الإقليم، ومن ضروريات الحكم وجود الدستور والقانون لكل دولة، بغض النظر عن كونها مكتوبة أو غير مكتوبة..
وتنص الدساتير على أهم المبادئ الحاكمة للدولة، والحقوق
والواجبات المتبادلة بين المواطنين والشعب، ومن أهم حقوق المواطن في الدستور المصري
أن يحظى برعاية صحية جيدة.
إهتم الدستور بضمان
توفير الرعاية الصحية لكل مواطن، وفقا لمعايير الجودة، بحسبانها العمود الفقري للحياة
الكريمة للإنسان، فأقر ذلك حقًا لكل مواطن، والزم الدولة بإقامة نظام تأمين صحي شامل
لجميع المصريين يغطي كل الأمراض.
اقرأ أيضا:
العدالة تنتصر لضحايا عقوق الأبناء
والدولة ملتزمة
بتقديم الخدمة الصحية للمواطنين كافة، وهذا الواجب الدستوري المنوط بالدولة محظور عليها
النكول عن القيام به، إذ اعتبر الدستور الامتناع عن تقديم العلاج بأشكاله المختلفة
لكل إنسان في حالات الطوارئ أو الخطر على الحياة جريمة.
أنشأ المشرع نظامًا
للتأمين الصحي على جميع المواليد دون سِن التعليم المدرسي وهذا الإلتزام بالعلاج لا
مناص من تحقيقه، ولا سبيل للفكاك منه باعتباره حقًا من الحقوق الأساسية التي يتمتع
بها المواطن في بلده، وتقوم الدولة على توفيره له، ولا وجه لحرمانه منه إلا بسند يتفق
مع حكم القانون، فإذا إمتنعت الدولة عن أداء هذا الالتزام دون سند مشروع فإن مسلكها
في هذا الشأن يعد قراراً غير مشروع.
اقرأ ايضا:
قصة سقوط أستاذ جامعي مراهق (1)
وعدم توافر الدواء
ليس سببًا كافيًا لإخلاء المسئولية فى هذا الشأن إذ أن هيئة التأمين الصحي تظل ملتزمة
بتدبير الدواء اللازم لحالات المرضى على النحو الذى يحول دون تدهور صحتهم وتعريض حياتهم
للخطر، وفقاً لالتزامهم الدستوري فى هذا الشأن.
ويعد إمتناعها
عن ذلك بمثابة جريمة على نحو ما قرره الدستور، ونكوصًا من الهيئة عن الوفاء بالتزامها
وواجبها الدستوري والقانوني بعلاج المواطنين المؤمن عليهم ، وأنه على الهيئة أن تضطلع
بمسؤوليتها تجاه مثل تلك الحالات ولا تتذرع بعدم وجود الدواء بسجلاتها، حتى لو تطلب
الأمر توفير الدواء المطلوب من الخارج على نفقتها.
إذ أن الحفاظ على
حياة المواطن واجب على الدولة تلتزم بالوفاء به فليست منحة منها بل حق كفله الدستور
للمواطنين، فالالتزام هنا مصدره الدستور والقانون، إذ تلتزم الدولة بكفالة المواطنين
ورعايتهم طبيًا ويشمل ذلك تدبير الدواء اللازم للعلاج، وهو إلتزام بتحقيق نتيجة وليس
بذل عناية.
اقرأ ايضا:
طارق شوقي يرتدي ثياب الفيلسوف المفكر
ومن هنا كان إلتزام
الدولة بتوفير الرعاية الطبية اللازمة، ومن بعدها توفير العلاج المناسب من دعائم احترام
الدستور، الذي هو مرآة حقيقية لتماسك الشعب مع الحكومة على إقليم الدولة.. وللحديث
بقية