معنا أم علينا ؟
الحدود الغربية وسد النهضة، هما الملفان الأكثر سخونة، الأول يحمل تهديداً لأمننا القومي، والثاني يهدد أمننا المائي، إعطاء أحد الملفين الأولوية في التعامل لم يعد مجدياً، فقراءة المشهد تحتم علينا التعاطي مع الملفين في توقيت واحد.
ربما كانت الصدفة وراء هذا التزامن الذي يشكل عبئاً على الحكومة المصرية، خاصة أن هناك ملفات أخرى مثل كورونا والإرهاب لا يقلان أهمية عن أمننا القومي والمائي، وربما كانت المؤامرة التي أميل إليها سبباً في هذا التزامن بين الملفين، فالهدف ربما يكون محاولة شغلنا بملف عن الآخر.
ملف الحدود الغربية
واضح، ويسهل استنتاج ما يدور في كواليسه، ووقفة قصيرة أمامه نستطيع معرفة من معنا ومن
علينا، ومن تغيرت مواقفه وفقاً لمصالحه، ومن يسعى للحصول على أكبر قطعة من ( تورتة
) الثروات الليبية، وكانت فرنسا آخر الدول التي غيرت المصالح بوصلة موقفها.
لكن المشكلة تكمن
في الملف الثاني، فالموقف الدولي من أزمة سد النهضة تكسوه الضبابية، وأصبحنا عاجزين
عن معرفة من معنا ومن علينا.
هذه الضبابية إنعكست
على تعاطي القيادة الأثيوبية مع الأزمة، فما بين ليلة وضحاها تتغير القرارات، بل أن
مصر متهمة بتحريض البعض في الداخل الأثيوبي على النظام، وأصبحت كل إخفاقات الحكومة
مصر سبباً فيها، بإستثناء تأجيل الانتخابات الذي كان كورونا المتسبب الوحيد فيها، وهو
ما أغضب الشعب الأثيوبي الذي ثار فقتلت الشرطة منه العشرات وأصابت المئات.
رئيس الوزراء آبى
أحمد لا يمكن أن يتصرف بهذه العجرفة إلا إذا كان مسنوداً من قوى كبيرة، وضعت له السيناريو
وزرعت بداخله طمأنينة انعكست على مواقفه المائعة، وجعلته قادراً على عدم الانصياع لأمريكا
والانسحاب دون اعتذار من مباحثات في واشنطن، ولم يهز ذلك شعرة في رأس الوسيط الأمريكي.
تعنت الجانب الأثيوبي
يستوجب إبجاد إجابات على تساؤلات كثيرة لإزالة الضبابية عن هذا الملف، ولمعرفة من معنا
ومن علينا. هل أمريكا معنا أم
علينا في أزمة سد النهضة ؟ خاصة أن إعلامنا متعاطف مع ترامب، ودائم الدفاع عنه، وكأنه
واحد من الأسرة المصرية.
القاعدة والاستثناء في برامج الهواء
الصين..معنا أم علينا
؟ هي تبدو حليفاً لنا لكن استثماراتها هائلة في أثيوبيا.
إسرائيل..التي إنتهزت
فرصة انشغالنا عن أفريقيا لعقود و ضخت استثمارات بالمليارات..هل هي معنا أم علينا ؟
وهل تطمع إسرائيل في حصة من مياه النيل وهو الحلم الذي تتوارثه حكوماتها ؟
الدول الإفريقية.. من
منها معنا ومن علينا ؟ وهل الاتحاد الإفريقي قادر على إنهاء الأزمة، أم أن مصالح البعض
فيه تميل إلى الجانب الأثيوبي ؟ الدول العربية.. من
معنا ومن علينا؟ أم أن الأزمة لا تعنيهم ؟
دول الخليج.. هل سعت
لحل الأزمة وساندت الشقيقة مصر، أم أن استثمارات بعضها في أثيوبيا جنبتها التدخل وجعلتها
على الحياد؟
من حقنا أن نعرف
من معنا ومن علينا، خاصة أن ملف سد النهضة يحظى كما ملف الحدود الغربية بالتفافة الشعب
كله حول القيادة السياسة.