رسائل "السوشيال ميديا"

دعونا نعترف بأن "السوشيال ميديا" صارت هى الضمير اليقظ الذى ينبه الدولة – أى دولة – لرؤية ما لاتراه فى إعلامها الرسمى بشقيه "المكتوب" من جهة و"المرئى والمسموع" من جهة أخرى.

أقول هذه المقدمة على خلفية موجة الاستنكار التى ملأت صفحات "التواصل الاجتماعى" منذ مساء الأحد الماضى لمشروع قانون أعلن المستشار بهاء أبو شقة رئيس حزب الوفد، ورئيس لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بالبرلمان اعتزامه التقدم به لمجلس النواب يُلزم الموظفين البسطاء بالتبرع لصندوق "تحيا مصر"..

قوة السوشيال ميديا هى التى أجبرت الرجل على التراجع خطوات للخلف وأن يصدر بيانا أمس يؤكد فيه أن "الأمر مجرد فكرة ورأى شخصى كان مقصده أن نكون أمام فترة تكافل اجتماعى ومشاركة في تحمل الأعباء".

اقرأ أيضا:

نقًطُونا بــ"سُكَاتكم"

نفس "السوشيال ميديا" هى التى انتقدت أبو شقة –وكنت واحدا منهم- وأكدت أن مشروع قانونه المعتزم يتنافى مع مبادئ حزب الوفد الذى يرأسه ومع تصريحه بعدما فاز برئاسته بأن «الطبقات الكادحة خط أحمر»، وهى أيضا التى أجبرته على أن يرد بقوله: «الوفد لن يتخلى عن مبادئه أبداً باعتباره كان طيلة تاريخه، ومازال وسيظل، نصيراً ومدافعاً وواقفاً إلى جانب الطبقات الكادحة وأصحاب الدخول المحدودة، واحترامى وتقديرى لكل من تابع رأيي بشأن هذه الأزمة".

صفحات السوشيال ميديا هى التى انتقدت منحة الـ 500 جنيه التى أعلنت الدولة صرفها لعمال اليومية، وقالت إنه لايكفى لشراء كام كيلو لحمة، وطالبت بصرفها لمدة ثلاثة أشهر متتالية وليس لمرة واحدة.

نفس تلك الصفحات هى التى جعلت محمد سعفان وزير القوى العاملة يسارع بإعلان بدء صرف الـ 500 جنيه المنحة التي قررها الرئيس عبد الفتاح السيسي للعمالة غير المنتظمة، المتضررة من تداعيات أزمة كورونا من الأحد المقبل وحتى الخميس 16 أبريل الجاري لمدة 3 شهور بعد أن كانت استثنائية شهرا واحدا ولمرة واحدة.. صحيح أن هذا المبلغ هزيل مقارنة بالأعباء الكثيرة التى فرضها الغلاء ووباء كورونا وحظر التجول، لكنها "النواية التى تسند الزير" كما يقولون.

اقرأ أيضا:

الشعب يريد "دخول الحمَام"

السوشيال ميديا هى التى انتقدت وزارة القوى العاملة لأنها لم تحدد موعد ولا مكان صرف تلك المنحة، وقالت إن الحاجة دفعت العمال الذين تقدموا بطلبها إلى التردد يوميا على أكثر من جهة حكومية فى هذه الظروف الصعبة للسؤال عن موعد الصرف.

السوشيال ميديا هى التى دفعت وزير القوى العاملة لكى يرد بقوله: صرف الـ 500 جنيه سيكون من مكاتب البريد، وسيتم إرسال رسالة نصية من الوزارة على رقم التليفون الشخصي لكل مستحق، وبها تاريخ ومكان صرف المنحة، لعدم تعرضهم لمخاطر الزحام.

اتجاهات السوشيال ميديا هى التى انتقدت صمت رئيس مجلس النواب الدكتور علي عبد العال، وعدم اتخاذ زمام المبادرة للتبرع لمصر فى ظل ارتفاع ميزانية البرلمان السنوية إلى 1.5 مليار جنيه، فخرج الرجل أمس لحفظ ماء الوجه ودعا النواب للتبرع بمكافأة العضوية وقيمتها 5 آلاف جنيه لمدة ثلاثة أشهر.. يتم خصمها مباشرة من مستحقاتهم المالية لصندوق “تحيا مصر”، لصالح أبناء الشعب المصري الذين تأثروا بفيروس كورونا المستجد، وعندما وجد أن المبلغ الإجمالى – سيصبح 3 ملايين جنيه إذا استجاب الـ 600 عضو للدعوة - لن يكون كبيرا، أعلن فى وقت لاحق من مساء أمس عن تبرع البرلمان بـ 20 مليون جنيه.

اقرأ أيضا:

وزير التموين.. من الإحسان إلى "الأنعرة"

السوشيال ميديا هى التى انتقدت تقاعس رجال الأعمال المصريين عن مساندة بلادهم فى محنتها الحالية، فبادر عدد منهم بإعلان تبرعه للمتضررين من وباء كورونا.

مناسبة هذا الكلام أن مقالاتى وكتاباتى هى صوت من مئات آلاف الأصوات على السوشيال ميديا، تتماهى وتتطابق بل وتتوحد معها، كتبت ضد قانون أبو شقة وقرأ ماكتبته وتراجع، وانتقدت ضآلة منحة الـ 500 جنيه لعمال اليومية واستنكرت "مرمطة" الدولة لهم على أبواب مكاتب البريد والبنوك وإراقة ماء وجههم، وانتقدت صمت أعضاء البرلمان وعدم اتخاذهم زمام المبادرة بالتبرع لمصر، فكان رد الفعل الإيجابى من الجهات المسئولة بعد أن وصلتهم الرسائل.

الحمد لله على أننى واحد من المتحدثين باسم الغلابة.. كنت وسأظل.. والحمد لله على أن هناك من يقرأ ويستجيب ولو حتى استجابة جزئية.. الحمد لله أن كتابتنا أحيانا لاتذهب هباءً بعد أن صرنا على يقين أن مانكتبه مثل حوار الطرشان..

شكرا لكل من يقرأ لى من أصدقائى والمتابعين لى على بوابة "فيتو" وعلى صفحات السوشيال ميديا ويشجعنى على المواصلة دفاعا عن الغلابة ولفت نظر الدولة الى حقوقهم الغائبة، والحمد لله أن ما أطالب به يتحقق حتى ولو كان من باب "الصدفة البحتة" أو "توارد الأفكار".