رئيس التحرير
عصام كامل

نجيب محفوظ: عبد الحليم حافظ بطل مأساوي

نجيب محفوظ
نجيب محفوظ

حوار مع أديب مصر نجيب محفوظ أجرته مجلة الكواكب عام 2000 حول المطرب الراحل عبد الحليم حافظ في ذكراه قال فيه :

 

لفت عبد الحليم حافظ سمعى منذ ظهوره وبمرور الوقت أحببت عبد الحليم ، وهو يستحق كل الحب لانه صوت مؤثر فى القلوب ينبعث منه الدفء رقيقا فى الأغانى العاطفية ، وحماسيا قويا فى الاغانى الوطنية .

 

بدايته كانت غير موفقة جماهيريا وهذا هو حال كل جديد دائما ، إلا أن إيقاع الألحان وجمال الكلمات جذبا الاسماع اليه بقوة فأصبح  بعد اغنية واحدة ذات لحن ثورى مستحدث على كل لسان وكل نقاش بين اثنين والاغنية هى (على قد الشوق اللى فى عيونى ياجميل سلم ) التى لحنها كمال الطويل .

 

شخصية عبد الحليم وحياتا كلها دراما من الطراز الاول وهو بطل مأساوى دون شك همومه كثيرة بعد ان اختلطت همومه بهموم الوطن ،كانت حياته بروفة متجددة للموت ، لم يكن يحس بالانتعاش والقوة الا حين تكون هناك اغنية جديدة له ، كان يشحن نفسه بطاقة عمل جديدة وكبيرة ويحس فى لحظات العمل بتفكيره يضئ ويلمع وينسى آلامه وامراضه وقت ظهوره على المسرح ليغنى.

 

وعبد الحليم ليس وحده بقادر على صنع كل هذا النجاح بل ساعده على غزو القلوب مجموعة من الأغانى والألحان المتطورة الحلوة الجميلة التى اعتبرت نقلة كبيرة جدا من عصر موسيقى الى عصر آخر جديد تماما . 

 

أغنياته فيها حيرة كبيرة واجادة فنية لا حدود لها اطلاقا ، انه يغنى موعود معايا بالعذاب موعود ياقلبى ، ثم يغنى أى دمعة حزن لا ، وصولا الى الاغنية ذات الطابع المأساوى التى اختتم بها حياته "قارئة الفنجان ".

 

وهذه الأغنيات ببساطة ترجمة حرفية لما كان يتصارع داخله من معاناة وارهاق ، واحساس بالظلم ، ومن المؤكد ان افكاره كانت كثيرة ومتضاربة فكان يهرب منها الى طبيبه مرة والى الله مرات .

 

أما عن موقع عبدالحليم فى ساحة الطرب فإن اعجابى به وبصوته لا يجعلنى اخلط بين المسائل والاصوات ، فمثلا هناك فروق كبيرة بين صوته وصوت عبد الوهاب اوام كلثوم ،وابرزهذه الفروق هو ان صوتى عبد الوهاب وام كلثوم أصوات آسرة قوية أصوات تشدو دون وسيط أى بلا موسيقى ولا ميكروفون ..أصوات قوية عفية.

 

اقرا ايضا:  

عبد الحليم حافظ يكتب: طفولة حزينة

 

عبد الحليم له صوت جميل نعم ، لكن لابد له من ميكروفون وإيقاع خاص على مقاس صوته ممثل فى الموسيقى ، ولهذا فإننا اذا ارتضينا له ان يقف فى مكان واحد ، فإننا لا نرتضى مقارنته بهما لاختلافات كثيرة تجعل النتيجة فى غير صالحه ، لانه وبنظرة حيادية لايقارن بالحناجر الذهبية فى تاريخنا الغنائى كما عبد الوهاب بين الرجال ، وأم كلثوم بين النساء ...وهذا ليس ظلما انما الظلم هو المقارنة ، فليس منطقيا أن نقارن بين عبد الحليم وبين أساتذة له ..لكن يكفى قيادته لجيله فنيا وجماهيريا ..بل يكفيه اثبات وجوده وسط كوكبة نجوم الطرب التى كانت لامعة ومتألقة وقت ظهوره .

الجريدة الرسمية