فضيلة الاعتذار
في البدء كان الكلمة، والكلمة رصاصة يمتد مفعولها إلى ما وراء مفعول رصاص البنادق، والكلمة شرف وقد سبقتها المعاني، ثم جاءت الحروف لتعبر عن معانيها، فأصبحت تختزل المعنى والهدف والقيمة، من أجل ذلك أصبح المشتغلون بالكلمة أصحاب رسالة تبلغ غايتها بصدقها.
ومن المقدمة إلى الهدف الأساسي لها بعد أن دار نقاش حامي الوطيس داخل مجلس التحرير بسبب خطأ وقعنا فيه منذ أيام عندما اعتمدنا على مواقع ليبية بعضها يحظى بمتابعة جماهيرية ونقلنا خبرا مفاده أن هناك أنباء عن ارتكاب ميليشيات السراج لجريمة قتل بعض المصريين، ورغم أن الصحفى المسئول بذل جهدا كبيرا قبل النشر إلا أن النتيجة أنه أخطأ التقدير ولم يبلغ غاية النشر هدفه وهو الصدق، فتسببنا في آلام وشجون، وما يمكن أن يكون تداعيا مزعجا لأهالينا ولقرائنا وهو الأمر الذي دفعنى إلى الاعتذار بشكل مباشر دون مواربة ودون الدخول في تفاصيل.
اقرأ ايضا: هيكل.. وزير بلا وزارة
أقول ذلك بشجاعة لأن من أراد البناء عليه الاعتراف بما ارتكب من أخطاء، وعليه أيضا أن يتحمل تبعات ذلك أمام ضميره وأمام قرائه وأمام زملائه الذين لم يرتكبوا مثل هذا الخطأ على مدار عشر سنوات هي عمر جريدة فيتو وتسع سنوات هي عمر بوابة فيتو.
طوال سنوات العمل الدءوب وبث قرابة الألف منتج صحفي يوميا لم يحدث هذا الخطأ ومن أخطائنا نتعلم الدرس تلو الدرس وكم تدارسنا على أيدي معلمينا الأوائل من خطاياهم، لندرك الطريق إلى الغاية والهدف من مهنة الكلمة والتعامل اليومى مع أحداث بعضها غامض وبعضها متناقض وكثير منها بلا مصادر معلومات في أجواء لم تسن قانونا حتى تاريخه لحرية تداول المعلومات.
اقرأ ايضا: الإصلاح القاسي!
ولنتعلم كل يوم أن التدريب والاطلاع على تجارب الآخرين والاستفادة من تجاربنا الذاتية هي الملاذ والوسيلة لبلوغ الطريق الصحيح، بعيدا عن المكابرة أو التجاهل أو غض الطرف عن مكامن الخطر في مهنتنا، ومواضع الضعف الذي قد يعتريها بسبب الأداء اللاهث خلف ماكينة الأخبار التي لا ترحم.