رئيس التحرير
عصام كامل

نفحات من حياة محمد حشاد شهيد كورونا بالقليوبية.. والده: أصبت بالفيروس وتعافيت ولكنه خطفه مني.. كان ملاكا يمشي على الأرض.. ضحى بنفسه علشاني

الدكتور محمد حشاد
الدكتور محمد حشاد

ابتسامته استطاعت أن تستوعب الدنيا، وسنوات شبابه القليلة أعطته سيرة تكفى دهرا، ما بين حوائط مستشفى ناصر العام ودفء العائلة بقرية نامول التابعة بمدينة طوخ بمحافظة القليوبية كانت حياة الطبيب الشاب محمد حشاد أول شهيد بكورونا بمستشفى ناصر العام صاحب الـ 35 عاما الذى لقى ربه شهيدا متأثرا بإصابته بالفيروس. 

تلك الابتسامة التى كانت تخفى وراءها طبيبا صبورا صامدا كالجبال ينثر السعادة والرضا أينما حل "فوجئت بما فعله فى المستشفى وأنه كان يحمل الأجهزة بنفسه والدواء للمرضى"، هكذا وصف الحاج عبد النبى حشاد والد الطبيب الذى كان يعمل موظفا فى التموين وأحيل إلى المعاش، مشيرا إلى أنه عرف بكل أفعاله فى الخير بعد وفاته. 

كان ملاكا يمشى على الأرض.. هكذا وصف نجله فليست تلك الأفعال بغريبة على ابنى البطل الشهم الذى لم يعصينى يوما فهو ملاذ الغلابة يقضى حوائجهم بالقرية يحب الخير ويفعله فى الخفاء ابتغاء لوجه الله عشت بفضله رافعا الرأس ومات شهيدا وجعلنى مرفوع الرأس. 

وأكمل أن والدة الطبيب توفيت وعمره عام أثناء ولادتها لشقيقه الأصغر فكانت المفارقة أن يموت الأم والابن شهداء، ونحتسبهم كذلك ولا نزكيهم على الله موضحا أنه أصيب بالفيروس ودخل مستشفى قها للعزل يوم 31 من مايو الماضى، وحشاد هو من كان يخدمه منذ إصابته بالمرض داخل المنزل وهو من نقله للمستشفى أيضا قائلا: "ضحى بنفسه عشانى".

وأوضح والده أنه مكث بمستشفى قها 11 يوما، وبعدها خرج ومنذ أن ودعه نجله فى بداية دخوله المستشفى لم يره وكان يهاتفه يوميا حتى قبل الوفاة بأيام كان هاتفه مغلقا، وهو لم يكن يعلم بأمر إصابة نجله بكرونا فطلب من شقيقه الاطمئنان عليه فأوضح له أن الطبيب مصاب بكورنا ويخضع للعلاج فظل يدعو له. 

وعن خبر وفاته أوضح أنه لم يودع نجله ولكن سمع شقيقه أثناء تلقيه مكالمة فجرا من أصدقاء الطبيب يخبرونه بوفاته، مشيرا إلى أنه ردد بعدها: "سبحان الحى الذى لا يموت ونشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله"، محتسبه عند الله شهيدا مختتما أنه يتمنى من الله الصبر والثبات ويعوضه الله فى أحفاده خيرا. 

فيما انتابت حالة من الحزن الفريق الطبى بمستشفى ناصر العام عقب سماعهم خبر استشهاد نجلهم طبيب الأطفال محمد حشاد متأثرا بإصابته بكورونا لأنه لم يكن طبيبا فقط ولكنه فاعل خير يتبرع مع زملائه لتوفير احتياجات المرضى من الأطفال وذويهم يعمل نجارا وسباكا وكل ما تقضيه الحالة داخل المستشفى يصلح صنابير المياه وكشافات الإضاءة وأى شيء تقع عينه عليه.

إنه الشهيد الدكتور محمد حشاد رئيس قسم المبتسرين بمستشفى ناصر العام بشبرا الخيمة، والذى توفى متأثرا بإصابته بفيروس كورونا. 

وأشار محمود عوض مدير العلاقات العامة بناصر العام وصديق الطبيب إلى أن المرحوم كان محبا للخير ينشره اينما حل ويتبرع بوقته وماله وصحته فى خدمة المرضى والمستشفى ولذلك فإن المستشفى بالكامل من مرضى وعاملين فى حالة نفسية سيئة منذ سماع خبر وفاته. 

وأكمل عوض أن الطبيب ترأس حملة خير وتبرع مع زملائه من الطاقم الطبى ووفر كراسى لجلوس مرافقين المرضى عليها ومراوح ولبن للأطفال وفوتو للحضانات و"كروكس" للمرافقين وقت الزيارة، مشيرا إلى أنه كان يعمل سباكا أو كهربائى أو نجارا حسب ما تقضيه حالة المستشفى وإذا وجد لمبة لا تعمل يقوم بإصلاحها بنفسه.  

محمد حشاد.. شهيد بكت عليه حوائط مستشفى ناصر العام وقلوب المرضى

وأشارت أسماء محمود مشرفة قسم التمريض بالمستشفى أن آخر ما طلبه منها الدكتور حشاد قبل وفاته أن توصل تلك الرسالة لزملائه وهى بالنص "ادعولى يا جماعة وأنا مش خايف من حاجة غير من أن حد منكم كتمريض أو دكاترة أو من أهلي وأصحابى يكون زعلان منى فى حاجة واللى زعلان منى يسامحنى وأكتر حاجة مزعلانى إنى مش عارف أتوضا وأصلى بجد حاجة تقطع القلب وهو على الجهاز وبين إيد ربنا هو مش طالب أكتر من الدعا واللى يصلى يصلى بنية أن الصلاة دي تكون ليه كأنه هو اللى بيصلى وبنية شفاه ورجوعه بالسلامة لبيته ولأهله وكل اللى بيحبه".

الجريدة الرسمية