رئيس التحرير
عصام كامل

المسكوت عنه في ملف الصحة

لم تكن الصورة واردة من فيلم سينمائي تدور أحداثه عن الإهمال الطبي ولم تكن قادمة من دولة أفريقية تعانى من كوارث طبيعية جعلتها غير قادرة على استيعاب المصابين أو المرضى ولم يكن الرجل الممدد جثة هامدة وسط زحام بل ظهر وحيدا في عنبر كامل بلا مرضى.

كان الرجل الميت محاطا ببركة من الدماء، يبدو أنه نزف حتى الموت دون أن يجد من يغيثه أو ينقذه أو حتى يستمع إلى وصيته قبل أن يغادر، بدا الرجل الراحل عن عالمنا اللا إنساني وكأنه حيوان نافق داخل مستشفى المطرية العام.. نعم مستشفى حكومي وفي القرن الواحد والعشرين.

تكشف الميديا الاجتماعية صورا مأساوية للرجل الميت إهمالا وعلى الفور تتحرك الوزيرة لتصدر قرارا بإقالة مدير المستشفى وتأمر بتحقيق متكامل حول الواقعة.

 

اقرأ أيضا: الإصلاح القاسى!

في الواقعة المروعة مصائب ثلاث: لو كان المستشفى يعانى ضعف الإمكانيات فهل يعانى خسة الإنسان خاصة لو كان هذا الإنسان قد حظى بتعليم متقدم وينتمى إلى فرق ملائكة الرحمة ؟

 

أما المصيبة الثانية فهي: هل عندما أقيل المدير أقيلت معه قيمة اللامبالاة والإهمال واللاشعور والجبن والوحشية من داخل نظامنا الصحى؟ أما المصيبة الثالثة فهي: هل هذا أول من يموت كمدا وإهمالا وهل يكون الأخير؟!!

الثابت أن ملف الصحة في بلادنا هو أم الكوارث وأهم الملفات الموروثة منذ عقود والسكوت عليه بعد درس كورونا من شأنه استمرار تلك الكارثة التي تهدد الجميع.

ملف الصحة في مصر من الأولويات الأولى التي يجب أن يضعها السيد رئيس الوزراء على أجندته بعد أن وصل الحال إلى التعامل مع الإنسان وصحته وكأنه أدنى من الحيوان تستوى في ذلك كافة الأنظمة الصحية من مستشفيات عامة إلى نظام تأميني لا يفى باحتياجات الناس وحتى المستشفيات الخاصة التي تتاجر في العباد كما لو كانت تتاجر في المخدرات.

 

اقرأ أيضا: وقف البناء ضرب للاستقرار

السكوت أصبح عارا لا يليق بمصر صاحبة واحد من أقدم النظم التعليمية الطبية وصاحبة الفضل على محيطها عندما كانت عاصمة للطب وملاذا للمرضى ولا تزال لديها القدرات العلمية التي تعانى نقصا حادا في الإمكانيات المادية.

ومن الثابت أيضا أننا نمتلك بنية أساسية ليست هينة ولدينا مؤسسات تعليمية قوية، وتنقصنا الإرادة الحقيقية لاقتحام هذا الملف الشائك الذي يهم كل بيت فالإنسان أينما وجد بحاجة إلى دواء وطبيب ومستشفى.

 

الجريدة الرسمية