رئيس التحرير
عصام كامل

ضجيج دوائي وضجة سياسية

فيما تتزعم فرنسا حاليا الموقف الدولى بالدعوة إلى ضرورة وقف الأعمال العدائية للدولة التركية شرقي المتوسط وفي ليبيا، وتطالب حلف الأطلنطى باتخاذ موقف ملموس ، وتحذر أنها لن تسمح باستمرار التدخل التركي العسكرى في ليبيا..

 

إذا ببريطانيا تتصدر المشهد الكوكبي بحملة إعلامية قوية تبشر باختراق طبي علاجي ، تحت اسم ديكساميثازون.

 

التصريحات الفرنسية لم تزد عن كونها تصريحات. ولم تتحول إلى إجراءات. التصريحات القوية لبوريس جونسون رئيس الحكومة البريطانية قدمت الدواء الكورتيزوني كأنه دواء جديد مبتكر. وجه الشكر للعلماء وللأطباء وللمرضى.. و(للمتوفين)!

 

اقرأ أيضا: ليبيا والقرار المصري

 

من ناحيتها هللت منظمة الصحة العالمية للدواء القديم، في استعماله الجديد ، واعتبرته منقذا للبشرية. قال بوريس جونسون في مؤتمره الصحفي وقال وزير الصحة البريطاني إن هذا الدواء الكورتيزوني كان يمكن أن ينقذ حياة مالا يقل عن خمسة آلاف شخص توفوا في الجائحة التى ضربت بريطانيا.

 

لا يصلح ديكساميثازون إلا للحالات على أنابيب الأكسوجين، وحالات التنفس الصناعي. لا يصلح إذن للوقاية ولا للحالات البسيطة لأن مضاعفاته أخطر.

 

فى نفس يوم الإعلان عن نجاح استعمال العقار في مستشفيات بريطانيا ونتائجه الرائعة حسب تصريحاتهم هناك، أعلن الدكتور حسام حسنى رئيس لجنة مكافحة الفيروس كورونا، أن مصر العظمى تستخدمة من قبل البريطانيين بشهر أو أقل قليلا.

 

اقرأ أيضا: ثلاثة ألغاز في الأزمة الأمريكية

 

كيف.. قال لمحاوره المبهور إن ديكساميثازون موجود بالفعل ضمن بروتوكولات العلاج المنشورة على صفحة وزارة الصحة، وأن أطباء شبان مصريين جربوه وحقق نتائج شفاء عالية، لكن عيبنا الخطير إن الإحصاءات تنقصنا والدعاية لا نجيدها.

 

وهكذا اتفق الاثنان على إن العقار مستخدم بفعالية من ثلاثة أسابيع تقريبا، لكن البريطانيين سبقونا بالضجة والضجيج الإعلامي كمنقذين للكوكب.

 

بالطبع هرول المختصون إلى التحذير من اللجوء الشعبي الجماعي إلى استخدام الدواء.

يوجد سؤال: كيف لم تعرف بريطانيا بأن مصر تستخدم هذا الدواء ضمن بروتوكولات العلاج المستخدمة في مستشفياتها، والمعروف أن جميع بروتوكولات العلاج يتم تداولها ومناقشتها عبر اتفاقات الدول، وعبر منظمة الصحة العالمية؟

 

اقرأ أيضا: الحياة بالخصم!

 

وسؤال ثان: كيف تستخدمه مصر من شهر مايو الماضى، بينما أرقام الوفيات تتصاعد.. وبالمناسبة لم يقتنع أحد بتبرير الدكتور حسام حسنى رئيس فريق مكافحة كورونا بأن "الشقق العلاجية" الخاصة لا تأخذ ببروتوكول العلاج المعتمد لدى وزارة الصحة.. ومن ثم فاجأتهم أرقام الموتى المتصاعدة!

 

سؤال ثالث: إذا كان هذا الدواء موجودا أصلا ورخيصا ومنتشرا... فما اسباب الضجة الكبرى التى صاحبت الإعلان عنه سياسيا عن طريق رئس الوزراء البريطاني نفسه؟

 

كيف اكتشفوا مؤخرا أنه منقذ.. وكان لديهم تبادل معلومات علاجية مع مستخدميه في مستشفيات الصحة المصرية؟

 

أظن أن هذا الضجيج الاحتفالى يستدعى تساؤلا حساسا.. لا املك سوى طرح السؤال لأننى لست طبيبا بالطبع: هل الديكساميثازون تم تعديله وتطويره في بريطانيا.. أم هو نفسه الموجود؟

سنرى..

الجريدة الرسمية