رئيس التحرير
عصام كامل

الرئيس "الطاغوت"!

كثيرون ـ ونحمد الله كثيرا أنهم كثيرون ـ أدهشهم لفظ "الطاغوت" الذي سمعوه في مسلسل "الاختيار" وهذا معناه أنه لم يصلهم من قبل.. ولكنهم لا يعرفون أن زعيما مصريا ظل الإخوان يصفونه بالطاغوت لمدة أربعين عاما..

 

وفي وفي مانشيتات صحف ومجلات وبأشرطة كاسيت (زي السيديهات كده) من داخل مصر وليس من قطر ولا تركيا!! وتحت سمع وبصر الدولة المصرية بل وبرضائها وترحيبها وتشجيعها!

 

كنت طفلا شاءت الأقدار أن ينصحه كبير بالعائلة أن يقرأ روزاليوسف سعيا ليعرف الأمور الكبيرة مبكرا! كانت وقتها المجلة التي تضم كوكبة من كبار كتاب مصر، وكان أغلبهم يرفضون تغييرات السبعينيات ولكن في الوقت نفسه وفي النصف الثاني من السبعينيات كانت مجلات الإخوان الثلاثة الشهيرة “الاعتصام” و”الدعوة” و”المختار الإسلامي” موجودة بالأسواق وبكثافة ملفتة، ولا يخلو عدد منها من عنوان أو صورة عليها تعليق بلفظ "الطاغوت"!!

 

اقرأ أيضا: غباء الجماعة المستحكم!

 

كان المقصود هو الزعيم جمال عبد الناصر! قائد ثورة البلاد ومؤسس نظامها الجمهوري!! والصديق الصدوق لرئيس البلاد وقتئذ! كان التناقض رهيبا بين ما ينشر في روز اليوسف (وفيها الرئيس الطاغوت هو الزعيم الخالد الذي بني وأنجز وأمم وأعاد للمصريين حقهم ووضعهم علي خريطة الحياة الطبيعية ووفر لهم سبل الحياة الآدمية الكريمة وعشرات الصفات الطيبة) وبين ما ينشر في هذه المجلات التي اضيف إليها أشرطة الشيخ كشك ودور نشر تصدر خطوط إنتاج لا آخر لها من كتب وإصدارات..

 

حتى تقف أمام بائع الصحف فتجد كتبا من عينة العناوين الإخوانجية الكذوبة مثل "ايام من حياتي" للمدعوة الإخوانجية زينب الغزالي وآخر للصحفي الإخوانجي "جابر رزق" بعنوان "مذابح الإخوان في سجون ناصر"! (كانت هذه المجلات أيضا تهاجم بعنف الرئيس السوري حافظ الأسد انتقاما منه لمواجهته الإخوان هناك).

 

وأمامنا في المدرسة مدرس إخوانجي! ويأتي ليفتش عليه موجها إخوانجيا! كبرنا وتساءلنا: متى أصبحوا إخوانجية؟ في هذه السنوات البسيطة عقب الإفراج عنهم؟ كان ذلك خطيرا.. والأخطر العلم أنه ممن تم الإفراج عنهم وعادوا لوظائفهم وأعمالهم.. وفي التعليم!

 

كانت كتابات وموضوعات عديدة في هذه المجلات الإرهابية المجرمة يكتبها حلمي القاعود وعلي جريشة وكتاب إخوانجية كثيرون.. ليس ذلك الغريب ولا العجيب.. إنما العجيب الغريب أن تنتقل هذه الموضوعات بسوادها وفجرها وكذبها وأباطيلها إلى كتاب الدولة! حتى تجدها عند أنيس منصور وموسى صبري ومصطفى محمود وغيرهم وغيرهم…

 

اقرأ أيضا: فيروس الاخوان!

 

بل وبعد ذلك بسنوات قليلة ينعي كتاب الدولة ورؤساء تحريرها ومنهم كاتب كبير جدا عمر التلمساني!! موصوفا بأنه رمز الحكمة في الجماعة!

 

من يعتقد أننا أمام تركة ثقيلة في تدني خدمات الصحة والتعليم وغيرها من ملفات مزعجة مثل الخصخصة والبطالة والفساد مخطئ.. التركة الكارثية الحقيقية في الوعي الجمعي.. نحن نحارب الإخوان بعقول "متأخونة" أصلا.. والكارثة إنها لا تدري -أفنديات وبهوات وهوانم- طبعا إنها متأخونة!!

 

معرفة جذور كل المشاكل أساس حلها.. وهذا ينبغي أن يتم في كل الملفات من سد النهضة إلي باقي الأزمات!

ملحوظة: اتخذت الدولة موقفا حاسما فيما بعد من هذا الذي يجري.. من روز اليوسف!

الجريدة الرسمية