رئيس التحرير
عصام كامل

يقينا بك وحدك

رغم حالة الرعب التي يعيشها العالم بكل طوائفه واتجاهاته، من فيروس صغير الحجم، إلا أن تلك الحالة تزول بل وتتلاشي، حينما تمتلك الأنفس الأمل في رحمة الله عز وجل واليقين فى كرمه وعفوه وعطائه البالغ بلا حدود.

 

ورغم تقصيري تجاه خالقى كسائر البشر ولا أدعى كمالا، فإننى أذنب وأدعوه أن يعفو ويصفح، لا يتسرب إلى يأس أو قنوط من توسل أو إلحاح فى الطلب، أناجيه من بقعة من تلك الأرض داخل تلك الدنيا التى لا تساوى لديه جناح بعوضة، فتهدأ النفس، ويخمد الاضطراب، ويصمت شيطان القلق، ويولى إلى غير رجعة بعد أن تتيقن الروح أنها ملك خالقها وحده، ناصيتها بيده، ماض فيها حكمه، عدل فيها قضاؤه.

 

قد أكون أثقل الناس ذنبا وحاجة إلى الغفران، ولكن حينما تضيق النفس، وتتكاثر الهموم، وتكثر الأخبار السيئة التعسة، التمس بصيصا من نور فاصعد بناظري إلى السماء متأملا ملكوته الواسع، طامعا فى سكينته، مناجيا إياه أن يسبغ فيض نوره ورحمته على عباده الضعفاء.

 

اقرأ أيضا: كورونا للكفار!

 

يقول الإمام "ابن القيم": لا يتم صلاح العبد في الدارين إلا باليقين والعافية، فاليقين يدفع عنه عقوبات الآخرة، والعافية تدفع عنه أمراض الدنيا من قلبه وبدنه".

 

اليقين فى قدرته على إزالة الغمة وفك الكرب قريبا، اليقين فى قوته وحكمه النافذ على كافة مخلوقاته، ورحمته بهم كافة وغناه عن عذابهم.

 

خطب أَبَا بَكْرٍ، النَّاسَ، فَقَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّ النَّاسَ لَمْ يُعْطَوْا فِي الدُّنْيَا خَيْرًا مِنَ الْيَقِينِ، وَالْمُعَافَاةِ ، فَسَلُوهُمَا اللهَ ، عَزَّ وَجَلَّ.

 

نعم، اليقين التام فى قدرته عز وجل على دفع الضرر، والتماس ذلك فى كل قول وعمل خاصة فى تلك الظروف العصيبة التي يعتمل فيها القلق النفس، وتنتشر رائحة الموت هنا وهناك، فنذكر الله بنية خالصة راجين وطالبين دفع البلاء، فتزول حالة الحزن، ويوقن القلب بأنه لن يكون إلا ما أراد وحده لا شريك له، وأن تلك الابتلاءات المتعددة ما هي إلا اختبارات ومصاعب خلق الإنسان من أجلها ومن أجل التدبر في أهدافها ومقاصدها.

 

اقرأ أيضا: أولاد الناس

 

سيمر هذا الوباء بإذن الله ويقينا به وحده، وسيزول القلق، وتهدأ الأنفس، وتعود الحياة إلى وتيرتها ووقتها سيكون كل منا قد أدرك أنه كان بين يديه أيام طوال وأنعم كثيرة، بطر بها ونقم عليها، وتمنى أحسن منها، وقد كان يحوز بالفعل الأحسن والأفضل.

 

يقولون دائما (كل مر سيمر)، نعم سيمر ثقة فى قدرة الواحد القهار فقط وكفى بتلك القدرة أن تغير مسار العالم أجمع بمخلوقاته من حال إلى حال، لنستبشر خيرا كثيرا.  

 

الجريدة الرسمية