تطبيق قانون الطوارئ علي المستشفيات الخاصة
حكاية المصريين مع الطب قديمة، منذ أيام الفراعنة عندما ارتبط الطب بالمعابد والكهنة، وتطور الأمر وامتد فى الثقافة المصرية حيث أخرج الأطباء المرض من دائرة السحر والأعمال الشريرة، بوصفه خطرا يمكن مواجهته والتعامل معه وقهره..
وحينما نتحدث عن الصحة فلابد أن يتم وضع تقنين محدد لحالة الطب والطبيب والمستشفيات وربما تكون جائحة الكورونا فرصة لإصلاح النظام الطبي وتحديدا للمستشفيات خاصة، ومصر مقبلة علي تطبيق التأمين الصحي الشامل بعد أن تحولت المستشفيات الخاصة من منشأة طبية تقدم خدماتها للمواطنين إلى بيزنس كبير سريع الربح..
فى ظل هوس المواطنين من المستشفيات الحكومية، والبعض الآخر منهم يتجه إلى تلك المستشفيات لوجود عجز أو نقص فى الخدمة داخل مستشفيات الدولة، ومنذ بداية توسيع دائرة العزل والكشف والترصد للفيروس القاتل، دخلت بعض المستشفيات الخاصة وفرضت نفسها على الساحة بأن لديها مقومات العلاج والعزل، وبالتالي كانت هناك فواتير مبالغ فيها وصلت في بعض الحالات لنحو 400 ألف جنيه وكأنها مساومة على حياة المصريين..
اقرأ ايضا: مقتل الثلث ليعيش الثلثين
وقد شهد بيزنس المستشفيات الخاصة انتعاشًا ملحوظًا مؤخرا بعد أن نجحت فى اجتذاب عدد متزايد من أعضاء الطواقم الطبية، لمواكبة الارتفاع المطرد فى عدد مستشفيات القطاع الخاص، والتى بلغ عددها 1157 مستشفي حتى عام 2018 كما ارتفع عدد الأسرة لـ 353230 وسجل عدد المستشفيات الحكومية ارتفاعًا إلى 691 علما بأنه تم تجهيز كل المستشفيات العسكرية لاستقبال العسكريين والمدنيين مع تجهيز 22 مستشفى عسكريًا بطاقة 4 آلاف سرير و4 مستشفيات ميدانية متنقلة بطاقة 502 سرير عزل.
ووسط ذلك ترفض المستشفيات الخاصة تسعيرة وزارة الصحة وتطالب في خطاب أرسلته لوزارة الصحة بتحديد 3 فئات سعرية لعلاج مرضى "كوفيد-19"، بحسب درجة كل مريض ويشمل اقتراح المستشفيات الخاصة ما يلي:
- علاج مرضى "كوفيد-19" بقسم العزل: 18 ألف جنيه لليلة في المستشفيات الخاصة من الفئة الأولى، 11 ألف جنيه لليلة في المستشفيات من الفئة الثانية، 7 آلاف جنيه لليلة في مستشفيات الفئة الثالثة، فيما حددت وزارة الصحة سقفا للعلاج بقسم العزل بين 1500 جنيه و3 آلاف جنيه في الليلة الواحدة.
اقرأ ايضا: لغز تحليل الأجسام المضادة
- العلاج في العناية المركزة على جهاز تنفس صناعي: 25 ألف جنيه لليلة في المستشفيات الخاصة من الفئة الأولى، و18 ألف جنيه للمستشفيات من الفئة الثانية، و10 آلاف بالمستشفيات من الفئة الثالثة، فيما حددت وزارة الصحة سقفا لعلاج تلك الحالات بين 7.5 و10 آلاف جنيه.
- العلاج في العناية المركزة دون الحاجة لجهاز تنفس صناعي: لم يعلن ممثلو المستشفيات الخاصة السعر المقترح من جانبهم لتلك الفئة، فيما حددت وزارة الصحة سقف العلاج تلك الحالات بين 5 و7 آلاف جنيه في الليلة. وتري المستشفيات الخاصة أن هناك قانون منع الممارسات الاحتكارية يمنع أي تفاوضات في الأسعار ما بين مقدمي الخدمة .
كل ذلك يتطلب أيضا أن تكون هناك قرارات صارمة من الحكومة - التى تدير أزمة كورونا بكفاءة - تجاه من يستغلون الأزمة فى رفع أسعار السلع والخدمات المقدمة للمواطنين، والتربح بصورة مبالغ فيها وضرورة محاسبتهم بالقانون، فليس هذا وقت المغالاة فى الربح أو التربح؛ وخاصة أننا نمر بظروف استثنائية لابد معها من اتخاذ قرارات استثنائية أيضا فى مختلف المجالات تراعى المصلحة العليا للبلاد.
اقرأ ايضا: دواء متلازمة الكورونا
ولكن هناك المادة 21 من قانون الطوارئ المعدل والتي تلزم بعض او كل المستشفيات الخاصة والمراكز الطبية والمعامل في حالات الطواريء ولمدة محددة بالعمل بكامل طاقتها لتقديم الخدمات الرعاية الصحية بصفة عامة او الحالات المشتبه في اصابتها بامراض محددة تحت اشراف كامل للجهة الادارية التي يشكلها رئيس الجمهورية علي ان تتولي تشغيلها والرقابة عليها..
كما أن قانون حماية المستهلك الصادر في عام 2018 يتيح للحكومة تحديد أسعار السلع والخدمات الاستراتيجية لفترة زمنية محددة. وكذلك تتيح تعديلات قانون الطوارئ التي صدق عليها الرئيس عبد الفتاح السيسي الشهر الماضي إلزام المستشفيات والمعامل الخاصة بتقديم خدمات الرعاية الصحية تحت الإشراف الحكومي الكامل لفترة محددة.
فكما فعلت الدولة مع تجار الموت والذين حجبوا الأدوية والمستلزمات الوقائية في بداية الأزمة، من الممكن أن تفعل نفس الأمر مع رافضي القرار، وتسحب التراخيص وتغلق المباني وتحيل الأجهزة المختصة للمحاكمة العاجلة، وهناك بيان عاجل موجه لرئيس مجلس الوزراء ووزيرة الصحة، بشأن حصر المستشفيات المغلقة نتيجة وقوع مخالفات بها وضرورة ضمها مؤقتا لوزارة الصحة لاستغلالها كمستشفيات عزل.
اقرأ ايضا: يا أيها الناس.. وليس المسلمين!
وهذه الفكرة من الممكن تطبيقها طوال فترة الأزمة وتعود بعد ذلك لمالكيها، خاصة وأن هناك مستشفيات كثيرة يمكن تطبيق هذه الفكرة عليها مثل مستشفى دار الشفاء بحلوان وغيرها من المستشفيات. وهناك مئات المستشفيات الخاصة التي لا تعمل نتيجة الخلاف عليها أو وجود أزمة في تراخيصها أو خلاف بين ماليكها، أو لارتكابها ما يخالف أصول المهنة..
وعليه فمن الممكن ضمها بشكل مؤقت إلى مستشفيات العزل بوزارة الصحة لحين انتهاء جائحة الفيروس. أو توحيد كل مستشفيات مصر خلال تلك الفترة تحت ادارة وإشراف رئاسة الجمهورية والرقابة الإدارية ووزارة الصحة، وإذا لم يطبق قانون الطوارئ في هذا الوقت فمتي يطبق؟