توفيق الحكيم يعتذر لـ"عبد الحليم حافظ" بعد رحيله
تحت عنوان “لماذا اعتذر الاديب توفيق الحكيم لعبد الحليم حافظ” نشرت جريدة الشرق الاوسط عام 1977بعد رحيل المطرب الفنان عبد الحليم حافظ بأيام كلمة اعتذار من الاديب توفيق الحكيم عن موقف وقع بينهما وندم عليه مما لزم الاعتذار قال فيه:
لم أر عبد الحليم حافظ الا مرة واحدة فقط ، ففى يوم من الايام دعانى الصديق الصحفى كامل الشناوى وجماعة من الاصدقاء الصحفيين والفنانينعلى العشاء فى أحد المطاعم ، وقد أخذونى فى سيارتهم من بيتى وأعادونى الى بيتى بعد العشاء .
وكل ما أعرفه هو أنى مدعو على العشاء. هناك اثناء العشاء دخل علينا شاب نحيل يحمل عوده وجعل يغنى وهم يصغون اليه فى اعجاب واهتمام ، أما أنا فكنت مشغول عنهم وعن مطربهم بالنظر الى مائدة الطعام وما عليها من أصناف وألوان ، الى أن جاء موعد الاكل فقمنا وأكلنا ، وعدنا ليعود الشاب الى الغناءوهو ينظر جهتى ، وقد كبس النوم على عينى الى ان غلبنى النعاس فطلبت منهم ان يعيدونى الى بيتى لأنام .
وفى اليوم التالى قابلنى زميلى كامل الشناوى وقال لى : حرام عليك كسرت بنفس الولد ليه ، فسألته :أى ولد ؟ فأجابنى :انه المطرب الشاب الذى جاء فرحا ليسمع منك كلمة تشجيع ، هنا أسفت وحزنت وقلت له : لماذا لم تقل لى ذلك من الاول ؟لقد فهمت أن المسألة مجرد دعوة على العشاء .قال الشناوى :انهم أرادوا جعلها مفاجأة .
صرت بعد ذلك أتتبع غناءه فى الراديو ووجدت فى صوته شيئا او نسيجا يشبه القطيفة، فهو ليس مجرد نعومة كالحرير بل فيه من نعومته متانة القطيفة ،وكنت كلما سمعته فى الراديو او التليفزيون أقول فى نفسى هذا هو صاحب الصوت القطيفة .
ثم راقبته بعد ذلك وهو يغنى فوجدت أن صوته لايخرج من فمه كأغلب المطربين ،لكنه يصعد مباشرة من أعماق قلبه ، ولذلك صوت هذا المطرب لايملأ الاذن لكنه يملأ القلوب ..الا قلبى فى تلك الليلة التى غنى فيها ليسمع رأيى ..فكبس على عينى النوم .
43 عاما تفصلنا عن رحيل العندليب الأسمر!
لقد كنت قاسيا عليه كما قسوت على المرحوم ابنى اسماعيل الذى كان يعرف أنى لم أكن أحب موسيقاه ، وذهب الاثنان الى العالم الاخر ولم يسمعا منى الكلمة التى انتظرا أن أقولها لهما ..ورحمة الله عليهما .