ماذا يحدث في أمريكا؟
سبحان الله، وكأنه سبحانه وتعالي أراد أن يبعث رسالة لهؤلاء الغاضبين والناقمين علي سوء أحوال بلدهم وسوء أوضاعهم في منطقتنا العربية جميعها مفادها أن دولنا ليست الوحيدة المصابة بالتمييز والعنصرية والوحشية، وأن حكوماتنا ليست ببعيدة عن كل حكومات العالم، وأن حكومات العالم أجمع ربما تنتهج نفس الأساليب ولكن تختلف الطرق.
فمنذ أكثر من ثماني سنوات وتحديدا في 2011 وقف القطب العالمي الأوحد والذي لا يزال يتمني أن يظل كذلك ليملي شروطه علي دول كانت تشهد احتجاجات شعبية غاضبة نتيجة لأوضاع معيشية فرضتها ظروف وقوي عالمية جعلت الجميع منضغطا نفسيا وشعبيا فيما يشبه الغليان الذي تحول فيما بعد إلى ما سمي بثورات الربيع العربي الذي عصف بحكومات وزعماء عرب كانوا ملء السمع والبصر، وكانت إحدى نتائجه بل وأهمها ما نراه في وطننا العربي الآن من اقتتال بين بعض بنيه، وصراع بين بعض دوله..
بين مؤيد للتغيير وداع له ولو على حساب الأبرياء ودماء البعض التي لاتزال تسيل في كافة أرجاء الوطن العربي، وبين رافض لهذا التغيير وداع للتصدي له لأنه يفتح بوابة جهنم في الوطن العربي ويفتح الباب علي مصراعيه لتفتيت دول ودمار أخرى.. وما بين هذا وذاك ضاعت فرص التنمية والاستثمار في الشباب العربي الذي بات بين غاضب وناقم علي حكوماته وبين فار يريد الهجرة إلى حيث البراح، وحيث الحلم إلى بلاد العم سام التي صارت حاليا أمريكا..
اقرأ أيضا: ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون
أمريكا التي يقال إنها قلعة الحرية وعاصمة العالم وراعية وداعية السلام فيه، بل وراعية حقوق الإنسان الأولي في العالم شهدت واقعة اعتداء قام بها شرطي أمريكي (أبيض) ضد مواطن أمريكي (أسود) وأدت إلي وفاته، وكانت سببا مباشرا في اندلاع أعمال عنف وشغب ربما لو حدثت هنا في بلداننا المختلفة لأرسلت لنا أمريكا بوارجها الحربية دفاعا عن حقوق الإنسان ولربما خرجت علينا منظمات حقوق الإنسان(ممولة وغيره) وما أكثرها لتبرر وتفرض علينا السلوك الذي ينبغي علينا فعله إزاء هذه التطورات..
وربما أرسلت وزير خارجيتها وسفراءها وربما ناشدت حكوماتنا ضبط النفس وطالبت بمحاسبة المتسببين في هذا الأمر ولقالت إنه علي الحكومات التجاوب مع مطالب المتظاهرين، وهو الأمر الذي ترفضه أمريكا حاليا.
اقرأ أيضا: أخرجت آدم من الجنة!
أمريكا قلعة الحريات وحصن حقوق الإنسان المنيع ما زالت بها أكبر وقائع لحرمان الإنسان من حقوقه، وما زالت تعاني ما عانته جنوب إفريقيا في الماضي واستطاعت التغلب عليه عبر القضاء علي التمييز بين الأبيض والأسود..
أمريكا ليست هي تلك الجنة الموعودة التي يحلم بها شبابنا في البلدان العربية، فهي مازالت مهد العنصرية وما زال مواطنوها السود يشعرون بالغربة فيها رغم أنهم كانوا وما زالوا أحد أعمدتها وبناتها ورغم ما يقدمونه يوميا لـ" السيد" الذي يبدو أنه لن يرضى عنهم. ولا يزال يتعامل بمنطق الأسياد والعبيد في القرن الحادي والعشرين.