موقف السلف الصالح من القضايا المستجدة
كان صحابة الرسول فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم يعتمدون على النص الشرعى من القرآن الكريم وسنة الرسول عليه السلام.
وبعد انتقال الرسول الكريم إلى الرفيق الأعلى على أى منهج اعتمدوا فى قضاياهم المستحدثة؟ يجيب الدكتور محمود أحمد كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بالأزهر فيقول :
بعد وفاة الرسول كان لأصحابه منهجية موضوعية محكمة فقد كانوا يعتمدون فى معالجة القضايا المستجدة المترتبة على اتساع الدولة الاسلامية وتغير الظروف والاحوال على القران والسنة النبوية والاجماع والرأى .
وقد نقل عن كثير منهم الاجتهاد كالصحابة ابى بكر وزيد بن ثابت وأبى بن كعب ومعاذ بن جبل رضى الله عنهم ، وكانت لهم مايسمى الشورى فى الافتاء .
ومن أمثلة ذلك ان ابا بكر رضى الله عنه إذا ورد عليه خصوم نظر فى كتاب الله فإذا وجد فيه ما يقضى بينهم قضى به ن وان لم يكن فيه وعلم فى سنة رسول الله قضى بها ، وان أعياه خرج فسأل المسلمين ..هل علمتم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى فى ذلك بقضايا فربما اجتمع عليه النفر كلهم يذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضاء ,,فإن أعياه جمع خيار الناس فاستشارهم فإن اجتمع رأيهم على شئ قضى به .
وكان عمر رضى الله عنه يفعل ذلك ..فإن أعياه على نحو ماسلف وذكر فى أبى بكر رضى الله عنه :فإن وجد أبا بكر رضى الله عنه قضى فيه بقضاء قضى به ، وإلا استشار الناس خاصة الامام عليا رضى الله عنه .
وأضاف الدكتور كريمة :ومن النوازل والقضايا المستجدة فى عهد الصحابة ــ رضى الله عنهم ــ نازلة "الجدة "التى جاءت لأبى بكر تسأل عن ميراثها ،فقال لها : لا أجد لك فى كتاب الله شيئا ولكن سأسأل الناس ، وخرج وسأل الصحابة أيكم سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا فى الجدة؟ قال المغيرة بن شعبة رضى الله عنه :نعم أعطاها رسول الله السدس ، فقال له :أيعلم ذلك غيرك ؟ فقال :محمد بن مسلمة ، قال : صدق فاعطها السدس ، وقد منع عمر رضى الله عنه ــ المؤلفة قلوبهم من الزكاة لزوال مقتضى الاستحقاق أو مناط الحكم ، ولم يقطع يد السارق فى عام المجاعة لشبهة الاضطرار ، وحرم المعتدة على من تزوجها فى العدة تحريما مؤبدا ..لأن من تعجل شيئا قبل أوانه عوقب بحرمانه .
أحمد كريمة يطالب بتوفير المطهرات أمام المساجد قبل افتتاحها
ومع اتساع الاجتهاد الفقهى فى عهد الصحابة ,,الا انه كان مقصورا على المسائل الواقعة فعلا ، فلم يقدروا مسائل لم تقع كما فعل متأخرون عنهم ، وسار فقهاء التابعين على نهج الصحابة رضى الله عنهم مع مراعاة مقاصد الشريعة ..الا انهم توسعوا فى استخدام الرأى نتيجة لتفرق العلماء فى الامصار واتساع الفتوحات فاتجهوا الى فرض المسائل والتمسوا الحلول لها .