الوباء والسلطة !
خلال الفترة من عام ١٨٣١ حتى عام ١٩٠٢ ضرب وباء الكوليرا مصر عشر مرات، كان أشدها وباء عام ١٨٤٨ الذى أسفر عن وفاة ٣٠ ألف شخص، ووباء عام ١٨٦٥ الذى أسفر عن وفاة ٦٥ ألف شخص، أما وباء عام ١٨٣١ وهو الأخطر فأسفر عن وفاة ١٥٠ ألف شخص من بين ثلاثة ملايين هم كل سكان مصر وقتها..
ومع ذلك ظلت أسرة محمد على تحكم مصر ولم يتغير النظام السياسى المصرى ولم ينته حكم الاسرة العلوية إلا على يد حركة الضباط الأحرار فى عام ١٩٥٢، وبعد نحو خمسة أعوام ضرب وباء الكوليرا مصر ووقتها ولم يكن بذات الشدة التى اتسمت بها الوباءات التى ضربت مصر خلال الفترة التى امتدت نحو ٧١ عاما فى القرن الثامن عشر.
بل إن بعض حكام مصر خلال فترة الوباءات الشديدة هذه تصرفوا بشكل آثار استهجان الناس وقتها، حينما اهتموا أساسا بحماية أنفسهم من خطر الوباء، كما فعل الخديو إسماعيل حينما ترك مصر وهرب إلى أسطنبول مع حريمه وحاشيته حتى زال خطر الوباء، ومع ذلك استمر يحكم حتى أحكم الغرب الأوروبي الخناق عليه بالديون ليخلفه ابنه توفيق فى الحكم!
اقرأ أيضا: كورونا وهواة الندب
وهكذا قد يضعف الوباء حكاما ويقوى حكاما آخرين، مثلما يحدث ذلك بالنسبة للدول، لكنه فى الأغلب لا يطيح بالحكام لأنه ينهك الجميع.. الحكام والمحكومين.. بل إننا سمعنا وقرأنا كلاما للبعض يتهم حكاما بأنهم استغلوا ظروف جائحة كورونا لفرض سطوتهم وسيطرتهم على بلادهم وإضعاف معارضيهم، مثلما أشار البعض للصين وفرنسا..
كما شهدنا مظاهرات واحتجاجات على تقييد حركة الناس لوقف تفشى الفيروس، مثلما حدث فى أمريكا وألمانيا وإسبانيا.. كذلك تابعنا اعتراضات على محاكاة تجربة كوريا الجنوبية فى متابعة حركة الناس إلكترونيا مثلما حدث فى بريطانيا وإيطاليا..
اقرأ أيضا: كورونا منع لقاءات قادة الدول!
وسوف يظل القانون الأساسى الذى يحكم التغيرات السياسية قائما بعد جائحة كورونا.. فإن هذه التغيرات تحدث عادة عندما تتراكم وتتجمع أسبابا داخلية تفضى لها.. مع عدم استبعاد بالطبع حدوث تدخلات خارجية لتفعيل هذه الأسباب، من خلال مساندة قوى للوصول إلى الحكم، وتجربتنا فى عام ٢٠١٢ شديدة الوضوح.. فإن الاخوان تمكنوا من حكم البلاد بدعم مباشر ومعلن من الأمريكان.