حكم ضرب الزوجة
زوجى حاد الطباع ، دائم الصراخ فى وجهى لأتفه الأسباب، والمشكلة الكبرى أنه يضربنى كلما حاولت مناقشته في أمر ما، هذا عن حاله معى أما مع أصدقائه وأقاربه فهو ودود هادئ الطباع دائم الابتسامة، فما حكم الشرع فى قيام زوجى بضربى؟
يجيب عن هذا السؤال فضيلة الإمام الدكتور عبد الحليم محمود شيخ الأزهر الأسبق فى الجزء الثانى من كتابه "فتاوى الإمام عبدالحليم محمود" فيقول فضيلته:
يقول الله تعالى: {اللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا} (النساء: 34) وهذه الأية تبين مدى حرص الإسلام على بقاء الصلة الزوجية ، وأن لا يكون الإنفصال نتيجة لخلاف ولو كان يسيرا.
اقرأ ايضا: ما هو اللهو المباح فى العيد؟
لقد بين الله سبحانه وتعالى فى هذه الآية القواعد التى تتبع إذا نشزت المرأة، أى عصت وساءت عشرتها وترفعت عن الطاعة، يقال فى اللغة "نشزت المرأة بزوجها وعلى زوجها: استعصت عليه، وارتفعت عليه، وأبغضته، وخرجت عن الطاعة" فإذا فعلت ذلك فإنه سبحانه وتعالى يبين أن العلاج لذلك ليس هو الطلاق، وإنما هو في درجته الأولى النصيحة والوعظ..
يقول سبحانه: (فَعِظُوهُنَّ) أى بينوا لهن سوء أفعالهن، والنتيجة السيئة التى تترتب على ذلك، وأن ذلك خلاف القواعد المرغبة فى الدين الذى أوجب حق الزوج على الزوجة، وحرم عليها معصيته..
فإن استمرت فى عصيانها وإساءتها فإن المرحلة الثانية في العلاج هى هجرها في المضاجع، يقول الله تعالى: { وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ} أى فى النوم والصلة الجنسية، والكلام أيضا..
اقرأ أيضا: حكم الشرع فى الزوجة التى لا تصلى
فإذا لم يفد ذلك بعد تأتى المرحلة الثالثة قبل الانفصال وهو أن يضربها ضربا غير شديد ولا شاق، ولقد سأل أحد الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يا رسول الله ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: أن تطعمها إذا طعمت، وأن تكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا فى البيت".
كل هذا من أجل عدم الانفصال فى الزوجية، وكل ذلك علاج لسوء العشرة بين الزوجين ، ومع ذلك فإن الإسلام يوصي دائما بالنساء، وفي حجة الوداع يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اتقوا الله في النساء ، فإنهن عوان عندكم ، ولكن عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحد تكرهونه" ويختتم الله سبحانه وتعالى بقوله: { فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا}.
وعلى هذا فإن الضرب الخفيف يأتى بعد استنفاد مراحل العلاج الأخرى ، وكل ذلك حرصا على دوام العلاقة الزوجية، وليس على الزوج من إثم إذا إلتزم قواعد الدين في ذلك..
أما الزوجة التى لا تلقي إلا الظلم من زوجها والإهانة والضرب ظلما وعدوانا فلها أن تطلب الطلاق من زوجها والانفصال عنه، وزوجها يكون مخالفا لرسول الله صلى الله عليه وسلم الذى قال: "استوصوا بالنساء خيرا".