"الولاد والأرض".. توثيق إلكتروني لسير الشهداء
اليوم أصدرت الهيئة المصرية العامة للكتاب أول كتاب إلكتروني وأتاحته للإطلاع والتحميل المجاني قبل طرح النسخة الورقية على الجمهور وهو إجراء جديد غير معتاد سيغير مسار النشر الثقافي الحكومي مع تبدل ذوق كثيرين تجاه طبيعة الوسيط.
الكتاب هو "حكايات الولاد والأرض"، للكاتب والصحفى محمد نبيل محمد، ويوثق شهادات أمهات وزوجات وبنات شهداء الجيش والشرطة فى مواجهة الإرهاب بسيناء، ومحتواه يمثل رسالة تنويرية للنشء بتخليد بطولات الشهداء وسيرهم، وتحمل سطوره شهادات حية مكتملة حولهم، وهم من "لم تغادرنا أرواحهم بل بقوا بيننا فى خلايا وجداننا، يحدثوننا ونحدثهم"؛ بحسب مقدمة الكاتب الذي طرح تساؤلا مباشرا؛ "ربما تكون تلك الحكايات سلاحا جديدا وحقيقيا فلماذا لا نشهره فى وجوههم؟!".
اقرأ ايضا: تداعيات كورونا وإحياء مبادرات الخير
الكثير من الشخصيات المصرية قدمت للوطن تضحيات جسام، وأبناؤنا الآن يواجهون عدوا غير تقليدي فى ظروف غير طبيعية تشهدها المنطقة منذ عقد كامل، لكن رؤية متطورة لرسالة القوى الناعمة تجعلنا أمام حالة تعبئة فنية وثقافية داعمة لجيش مصر وشرطتها ضد جماعات الإرهاب المسلح، ربما نادى بالخطوة مفكرون ومؤرخون معاصرون أدركوا مبكرا أهمية هذا الظهير فى حماية جبهتنا الداخلية وتسجيل ما يبقى عنهم لأجيال مقبلة.
وإذا ناقشنا الخطوة من زاوية أخرى هى مستقبل صناعة النشر، فبداية تعويم الجنيه المصري بدت هذه الصناعة فى أزمة مع الارتفاع المتزايد لأسعار الورق وأحبار الطباعة وتكاليف الاستيراد، وبصعوبة تجاوز الناشرون مشاركاتهم فى معارض الكتب الكبرى وأبرزها "القاهرة الدولي" خلال العامين 2018 و 2019 بالأخص، رغم تقارير اتحاداتهم بزيادة المبيعات.
اقرأ ايضا: مبادرة "الثقافة" تستعيد جمهور المعرفة والفنون
كانت الحاجة إلى تصدير الكتاب الإلكتروني لجمهور الثقافة ملحة، وتحدث عنها مسؤولو النشر الحكومي والخاص، ناهيك عن نشر الكتاب التعليمي؛ لكن أمورا لم تتحرك حتى حضرت أزمة كورونا وأجبرت الجميع على التعجيل بخطط بديلة؛ مع تعطل الفعاليات الثقافية والمعارض، وباتت المنصات الإلكترونية الأعلى استحواذا على اهتمام جمهور القراءة والثقافة.
قبل أسابيع؛ حضرت مبادرة الدكتورة إيناس عبد الدايم وزير الثقافة "خليك فى البيت.. الثقافة بين إيديك"، وظهرت منصتها المتطورة وأذرعها المتعددة، ومعها سارعت الهيئات التابعة للوزارة بتغيير استراتيجياتها وطرحت إنتاجها الثقافي والإبداعي "المسموح به قانونا" مجانا للجمهور، ناهيك عن ثروة الأرشيف المرئي.
اقرأ ايضا: يتعاملون بصدق مع مهام عملهم
خطوات للأمام؛ تتخذها المؤسسات الثقافية لتطوير أدائها بما يتماشى وظروف ما بعد تفشي "كورونا"، لكن التركيز سيكون بإتجاه الرهان على المحتوى المقدم للجمهور بغض النظر عن طبيعة الوسيط، وضربة البداية نرجوها موفقة بعد طرح "الولاد والأرض"، وتستدعى حوارا للتكامل فى الرؤى بين مؤسسات النشر وهيئاته الحكومية قبل تطوير خطوات فى هذا المسار، هكذا تتحول المبادرات إلى خطط واستراتيجيات وتضمن بقاء جدواها وحماية أثرها وعوائدها.