الحب والهوان في مسلسلات رمضان
إلى أى مدى يمكن أن تتمسك بحبك وبمن تحب؟ إلى آخر العمر؟ إلى آخر ذرة كرامة؟ أم إلى آخر نقطة صبر وطاقة؟ وهل هناك امرأة تستحق ما يفعله وفعله زياد (أحمد مجدى) في فرصة ثانية؟
ومن باب أولى هل هناك رجل يستحق حالة الوله والولع المستبدة بكل مشاعر وخلايا الإحساس الطاغى لدى ريهام (آيتن عامر)؟ وثالثا هل هناك بمقاييس المنطق والجنون فتاة تسخر كل من حولها.. أمها وأبوها وشركتها وأصحابها وصاحباتها والطبيبة النفسية والعصبية المعالجة لتوهمهم بأنها فقدت الذاكرة لكى تذيق خطيبها طعم الألم والمرارة حين ضبطته يخونها؟
وأي خيانة؟!
خيانة من نوع لا يستدعي كل هذا المرار.. ضبطته جالسا مع واحدة تانية.. في كافيه.. ليس في فراش الزوجية..خلعت الدبلة واذلته.. ومرمطت به وبمشاعره الأرض.. رفضته وأهلها طردوه.. طرق أبوابهم وأهانوه وطردوه..
اقرأ أيضا: مسحة الكورونا.. وخطفة عزرائيل!
استغلت ريهام (آيتن عامر) حالة الهوان وطبطبت.. وخطفته في وقت مسروق. لم يحبها. كانت تعشقه. تحول العشق إلى استحواذ. شغف. رغبة في الامتلاك الكامل. الحصول على زياد أو الموت لها أو له أو لهما.
بالطبع عاش المشاهد حلقات حلوة متابعا جهود زياد في استعادة حبه من خلال فقدان ملك لذاكرتها (ياسمين صبرى)، وفرح لفرحه، ثم سرعان ما تبددت الفرحة حين داهمت ريهام ليلة زفاف زياد بوصفها زوجته رغم أنه طلقها وطردها وطاردته وطردها وطاردته وطردها.. يمكنك أن تكررها حتى نهاية المقال!
زياد مسحوب مملوك مستعبد بحب وامتناع ملك، وريهام مسحوبة ومسكونة وعبدة كاملة العبودية لزياد. ملك أذلته. وهو أذل ريهام. ملك كسرته. وهو كسر ريهام. طعنت نفسها في بيته وسقطت من الشرفة مضرجة في دمائها. تنتظره في السماء بعد إعدامه!
شخصية ملك متآمرة في هدوء وثبات، متملكة، مسيطرة.. خارجة عن السيطرة وعن الأبوية. بالقياس لسنها وكفتاة فإن نمط الشخصية أعلى من مكوناتها الخارجية. كل هذه القدرة علي الثبات الانفعالي والتظاهر أعلى من الشكل والسن والاداء. بصفة عامة راحت السكرة وجاءت الفكرة.
اقرأ أيضا: سلوك القطيع.. الرهان على العقل المعطل!
الإعجاب بجمال ياسمين صبرى لن يغمض العقول عن الرؤية الفنية الصحيحة. المنطق تلقى رصاصات قاسية في الحلقة السادسة عشرة، حلقة الأمس. دبرت ملك خطوبة وهمية لتضع زياد في الموقف ذاته الذي وضعها فيه حين تزوج بعد أن رفضته وطردته وأهانته هي وأهلها.. وفي عتابها له رأت أن هذا كله قليل ودون المطلوب وأنه فرط فيها ولم يبذل مرمطة كافية!
افتعلت الخطوبة وجرجرت أبويها إذن ، ليحضر زياد ويراها وهو ضائع ضال كثيف اللحية الصناعية.. وتراه.. كما رأت نفسها يوم زفافه (وكانت هي من رفضته واستعصت ورفصت في الأرض رفضا) وهي واقفه بباب قاعة الفرح.. ولم يرها قط .. بل أحس بطيفها ينسحب..
الحقيقة أن الانقلاب الدرامى الذى وقع بالحلقة السادسة عشرة ساذج ومفتعل بكل المقاييس. وهو عيب في الكتابة وفي التفكير، ألقى بظلاله على الممثلين والممثلات. هذا الاصطناع للأزمة حمل الممثلة ياسمين والممثل احمد مجدى ما لم يحتمله المنطق والقبول. بالطبع الفن بطبيعته أمر خارج نطاق المنطق العادي المألوف.
لماذا؟
اقرأ أيضا: صورة طبق الأصل.. الوسواس القهرى
ببساطة لأنه فن. بعبارة أوضح فإن الفن هو الكذبة الكاملة المحبكة المقنعة. عندئذ يكون الصدق الفنى. هذا هو اسمه الصحيح عندئذ. لو بانت فيه ثغرة وقع وصار عملا ينتمى للفجاجة.. لأن الكاتب اسقط جدار الوهم وألغى القابلية للتصديق.
ما زال أداء الابطال الثلاثة في الذروة، وفق امكانيات وخبرات كل منهم، لكن من المؤكد أن شخصية البنت المهووسة بحب زياد ريهام (أيتن عامر) حازت على استنكار المشاهدين .. وهذا قمة نجاحها في تلبس الحالة.