مسحة الكورونا.. وخطفة عزرائيل!
فتحت الوفاة الكارثية لزميلنا الشاب محمود رياض أبوجبل المحرر في جريدة الخميس المغلقة، تساؤلات عديدة ومخاوف واضحة، ستقود الى تحسين آلية استقبال الحالات المشتبه بإصابتها بالفيروس سريع الفتك بالضحايا.
لا يخفى على كل صحفى، بل كل من يقرأ ويستوعب، أن آخر بوست كتبه محمود رياض كان بمثابة صرخة وشكوى من عدم الجدية في التعامل معه فى مستشفى حميات امبابة.. ويمكن اعتبار ما كتبه محمود رياض رحمة الله عليه عملا لمراسل في قلب معركة الموت ذاتها.. لأن جسده كان ميدان القتال.. بين عدو جبان خفى.. وبين شاب يصارع من أجل الحياة وأطفاله الثلاثة. أصيب الرضيع.. والإبن الأكبر..
اقرأ أيضا: سلوك القطيع.. الرهان على العقل المعطل!
كتب يحذر وينذر ويدعو ويكشف: "الناس اللي بتسأل عن صحتى.. فيروس كورونا، تعب متواصل وحرارة مرتفعة نار 14 يوم، خلال تلك الفترة تواصلت رقم الصحة 105، كلام فارغ انك مقصر في صحتك، هذا ويحسب لمجلس النقابة عدم تركه لى ومعه مجلس الرابطة، فكان القرار الذهاب إلى الحميات ليتواصل العذاب والمرض، يوم للتحايل لعمل مسح، يقولون خلص، تخل الجميع حتى تم المسح، 48 ساعة لتظهر النتيجة مع أنه ربع ساعة فى العالم..
ثم نتيجة خطأ ليتم مسح جديد بعد 3 ايام، وانتظر النتيجة من المعامل 48 ساعة ولو طلعت إيجابية انتظر الإسعاف 48 ساعة، دا سبع أيام أليسوا كافيين لموت أى شخص، مثلما حدث مع الكثير، أنا منذ 14 يوم متعذب، دعواتكم ومحدش يسكت على نفسه، ولله الأمر من قبل ومن بعد، وإلى الآن مافيش خطوات جادة".
اقرأ أيضا: كورونا ينقذ الدولة الوطنية !
تبين استغاثة محمود رياض أبوجبل.. أن التأخر في اظهار نتيجة التحليل.. سلبي أو إيجابي هو مهلة مجانية يحصل عليها الفيروس ليفتك بالرئتين ويبعثر في المسارات الهوائية جلطات صغيرة غزيرة.. تؤدى الى الفشل التام فالوفاة. وتبين عدم الجدية في التعامل وتبين التقصير النقابي والعلاجى..
من هنا يجب أن نعرف بالضبط.. ماذا يحدث حين يسخن شخص وحرارته فوق السبعة وثلاثين (محمود سجل حرارته أنها نار) ويسعل وحلقه جاف..
الذي يحدث أن كثيرين يظنون أنها نوبة برد فيعالجون أنفسهم.. ويهدرون الوقت.. المفروض هنا الاتصال فورا ب 105 وسوف تتلقى الرد فورا لكثرة أعداد الأطباء المكرسين للافادة.. والتحويل الي الحميات…
اقرأ أيضا: العالم فى خطر
حين ينقل شخص الى الحميات تتم معه مسحتان. مسحة بالدم على شريحة كتلك التى أجريت لمجلس الوزراء ورئيس المجلس برمته في بداية الوباء. ونتائجها تظهر خلال دقائق.. وهى دالة.. على وجود الفيروس أم لا.. لكن للتأكد يتم أخذ مسحة من عمق الأنف وعمق الحلق علي جهاز طرفه أشبه بكرة صغيرة من القطن.. مثل عصا القطن التى ننظف بها آذاننا..
تعامل هذه النهايات القطنية حاملة مسحتى الأنف والحلق معمليا وتحتاج من ست إلى اثنتى عشرة ساعة للتأكد من إيجابية أو سلبية الحالة. يوضع المريض، المفروض، علي بروتوكول العلاج.. عندئذ .
أما في العزل فيوضع علي مقويات للمناعة وخوافض حرارة ومضادات حيوية عالية المليجرامات والتعرض للشمس ما بين التاسعة والعاشرة أو الخامسة والسادسة..
ماذا آخر نتائج الراحل محمود رياض؟ ما مدى مسئولية مستشفى حميات إمبابة؟ هل يحصل المريض في العزل على علاج حقيقي متكامل، أم يترك لحين إظهار النتائج؟
اقرأ إيضا: تبا لنا كم تغيرنا!
تقصيت فعلمت أن لدى وزارة الصحة أجهزة لإظهار النتائج بسرعة حفاظا على الوقت.. الذي هو طعام الفيروس وفرصته الذهبية للفتك بالضحية. فلماذا إذن أضيع عمر محمود وبدده الإهمال؟
لقد اهتز المجتمع الصحفى كله لوفاة محمود رياض، لأنه كان يستنجد.. وكان يئس.. وكان يتبدد.. ولا نريد تكرار مأساة الرحيل.. لذلك نعود ونطالب النقيب ضياء رشوان.. والمجلس بتوفير تجهيزات داخل النقابة، وما أكثر سراديبها وقاعاتها.. وحجراتها.. للفحص المبكر.. وطمأنة الاعضاء واسرهم..
أما الناس كلهم فعليهم المسارعة بالإبلاغ فور الإحساس بأي أعراض ولو كانت نوبة برد.. اتصل بالرقم 105، وسوف يوجهونك الى الشفاء..
لا تنتظروا.. الموت في الانتظار.. وفي التلكؤ وفي التردد.. وبسببهم جميعا.