من هم الغارمون الذين تدفع لهم الزكاة؟
امرأة تكاثرت عليها الديون ولا تستطيع الوفاء بها فهل يمكن أن نعطيها من أموال الزكاة لتسدد ديونها؟
يجيب عن هذا السؤال فضيلة الشيخ عطية صقر الرئيس الأسبق للجنة الفتوى بالأزهر الشريف فى الجزء الرابع"العبادات" من موسوعة "أحسن الكلام فى الفتاوى والأحكام" فيقول فضيلته:
يقول الله تعالى فيمن تعطى لهم الزكاة: {وَالْغَارِمِينَ} وهم الذين ركبهم الدين ولا يملكون وفاء به كما ذكره القرطبي فى تفسيره، وجاء فى المغني لابن قدامة أن الغارمين وهم المدينون ضربان، ضرب غرم كإصلاح ذات البين، وضرب غرم لنفسه لإصلاح حاله فى شئ مباح، والشرط في إستحقاق الغارم للزكاة ألا يكون دينه في سفاهة أو محرم.
اقرأ ايضا: حكم الشرع فى تعيين المرأة قاضية
فإن تاب أخذ منها ويقول القرطبي: إن الغارم يعطي من الزكاة من له مال وعليه دين محيط به -ما يقضى به دينه- فإن لم يكن له مال وعليه دين فهو فقير فيعطى بالوصفين، كونه غارما وكونه فقيراً.
وقد صح في مسلم عن أبي سعيد الخدري أن رجلا أُصيب في ثمار ابتاعها فكثُر دينه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "تصدقوا عليه" فتصدق الناس عليه فلم يبلغ ذلك وفاء دينه، فقال عليه الصلاة والسلام لغرمائه -أصحاب الديون- "خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك".
وروى مسلم حديثا عن قبيصة بن مخارق بين فيه النبى صلى الله عليه وسلم من تحل لهم المسألة ويطيب لهم ما يأخذونه وهم ثلاث:
أ - رجل تحمل حمالة، أي دفع دية القتيل حتى لا يقتل القاتل، فيعطى من الزكاة مقدار الدية فقط ويمسك عن المسألة.
ب- رجل أصابته جائحة اجتاحت ماله، فيعطى حتى يصيب قواما أو سدادا من عيش.
ج- رجل أصابته فاقة أي فقر وشهد ثلاثة من العقلاء على فقره، فيعطى حتى يصيب قواما أو سدادا من عيش.
اقرأ ايضا: حكم الشرع في منع الزوج لزوجته من زيارة أهلها
وجاء فى رواية "إن المسألة تحل لأحد ثلاثة: ذى فقر مدقع - شديد أفضى به إلى الدعقاء أى التراب- أو لذي غرم مفظع - شديد أو شنيع- أو لذي دم موجع -أي تحمل الدية عن القاتل حتى لا يقتل-".
وجاء في فقه المذاهب الذى نشرته وزارة الأوقاف المصرية أن الحنفية قالوا: الغارم هو الذى عليه دين ولا يملك نصابا كاملا بعد دينه، وأن المالكية قالوا: إنه المدين الذى لا يملك ما يوفى به دينه بشرط ألا يكون دينه فى فساد، ويعطى إن تاب، وأن يكون الدين لآدمي وليس لله كالكفارة، وأن الشافعية قالوا: الغارم هو المدين وأقسامه ثلاثة:
أ- مدين للإصلاح بين المتخاصمين.
ب- من استدان لمصلحة نفسه فى مباح أو غير مباح بشرط التوبة.
ج- مدين بسبب ضمان لغيره وكان معسرا هو والمضمون.
اقرأ ايضا: حكم الشرع في ضرب الزوجة
ومهما يكن من شئ فإن المدين لنفسه أو لغيره وكان الدين بسبب مباح يعطى من الزكاة بمقدار دينه، ومن استدان لمعاص أو لهو لا يعطى إلا إذا تاب.
والقرطبى تحدث عن دين المتوفى هل يقضى من الزكاة أو لا، فقال: إن أبا حنيفة منعه، فالغارم من عليه دين يسجن فيه، والمالكية وغيرهم جعلوا الميت من الغارمين فيقضى دينه من الزكاة، وكما قلنا من قبل: إن الأمور الخلافية لا يجوز فيها التعصب، وللإنسان أن يختار ما فيه المصلحة.