كورونا والإعلام
عندما ضرب وباء الكوليرا مصر عام 1947 كانت بدايته فى إحدى قرى محافظة الشرقية تسمى القرين، وقد سارعت السلطات المصرية بفرض عزلا وحجرا صحيا على هذه القرية ومنعت دخول أحد لها أو خروج أحد منها.. لكن كان هناك صحفى شاب قد تمكن بشجاعة من دخول القرية لرصد أحوال اَهلها تحت الحجر الصحى..
وخرج ليكتب تحقيقا مثيرا اختار له عنوانا: (الحياة فى قرية الموت).. هذا الصحفى صار فيما بعد نجما كبيرا لامعا إشتهر بالأستاذ أو الجورنالجى كما كان يحب أن يسمى نفسه.. إنه الصحفى الكبير محمد حسنين هيكل.
اقرأ ايضا: ساعة الحظر !
واليوم ونحن نعيش أيام وباء كورونا من حقنا أن نتساءل ماذا فعل إعلامنا وفعلت صحافتنا للقراء والمستمعين والمشاهدين أكثر من حث الناس على إلتزام البيوت وإستضافة أطباء يقدمون لنا معلومات متضاربة حول الفيروس، ناهيك بالطبع عى نقل البيان اليومى لوزيرة الصحة عن حالات الإصابات والوفيات الجديدة وعدد من تم شفاؤهم..
وهو البيان الذى لم يعد يكفى لتقديم ما يحتاجه الرأى العام من معلومات خاصة بالحالة التى وصل لها الوباء فى بلادنا.
ربما أدى اعلامنا دوره مبكرا فى بداية الأزمة، حينما نبه الناس إلى خطورة فيروس كورونا وشرح للناس اهميةَ الاجراءات الاحترازية المبكرة التى اتخذتها الدولة لمواجهة هذا الوباء، قبل ان تظهر حالة إصابة واحدة فى بلادنا.. لكن بمرور الوقت ومع حدوث تطورات عديدة ومختلفة ومتنوعة لوضع الوباء فى البلاد والعالم كله أغفل إعلامنا الكثير من المهام التى يتعين عليه القيام بها..
اقرأ ايضا: كوارث ترامب لا تأتى فرادى!
مثل التحقيقات المصورة من داخل مستشفيات الحجر، ومثل لقاء من حظوا بالشفاء بعد معاناة مع المرض، ومثل نقل صورة للحياة داخل القرى التى تم عزلها وفرض الحجر الصحى عليها، ومثل التحقيق فى حالات الوفيات، والتحقيق أيضا فيما يثار بين الحين والآخر فيما يتردد ويقال حول نقص بعض مستلزمات الحماية للطاقم الطبية فى بعض المستشفيات..
وكذلك التحقيق فى القدرات المصرية لإجراء المسحات التى تكشف الإصابة بالفيروس، ومتابعة معلوماتية التجارب المصرية السريرية التى تجرى على بعض الأدوية للعلاج من الفيروس، وأسباب تزايد الإصابات فى الطواقم الطبية بالمستشفيات.. وايضاً كيف يمكن توفير ثلاث كمامات يوميا لكل مواطن.. إن هناك الكثير يمكن أن يقوم به اعلامنا وتقوم به صحافتنا أكثر مما يفعله الأن، وعلى رأس ذلك تقديم المعلومات التى يحتاجها الرأى العام بكل ما يتعلق بهذا الوباء.
بصراحة لقد ظهر فى بداية الازمة اعلامنا بشكل واضح وادى ما عليه وقتها، لكنه بمرور الوقت لم يعد يفعل المطلوب منه رغم كثرة وغزارة ما يقدمه لنا، ولكنه ليس ما يحتاجه الرأى العام الان .