ألا فتعرضوا لها
جاء في هدي النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وعلى آله أنه قال: {ألا إن لربكم في أيام دهركم لنفحات -أي رحمات وتجليات- ألا فتعرضوا لها}.. وشهر رمضان المبارك من أعظم أيام النفحات والتجليات فأوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار..
وهو شهر القرآن الذي جعله الله هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان ، وفيه يعتق الله عز وجل كل يوم سبعين ألفا من النار حتى إذا جاء آخر يوم فيه أعتق سبحانه من النار بقدر ما أعتق طوال الشهر الكريم.. ومن هنا ولأجل ذلك يجب أن نغتنم أيام هذا الشهر الفضيل بأعمال الطاعات والعبادات والبر والمعروف والإحسان وصلة الأرحام وكل ما يقرب إلى الله عز وجل من الأعمال الصالحة..
ولنبدأ بالتوبة وتجديد الإيمان وعقد العزم على ألا نعود إلى معصية الله تعالى ومخالفة أمره، وأن نلزم خط الاستقامة وإحياء السنة النبوية المطهرة ، هذا وعلينا أن نكثر من قراءة القرآن حبا في الله تعالى وطلبا لوصله سبحانه والقرب منه، وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: {من أراد أن يكلمه الله فعليه بالقرآن -أي بالاستماع إليه- ومن أراد أن يكلم الله فليقرأ القرآن}..
اقرأ أيضا: القرآن هدى وشفاء
هذا مع عظيم الفضل والأجر في قراءته فالقارئ للقرآن بكل حرف عشر حسنات وفي رمضان الفريضة تكتب بسبعين فريضة. هذا ومن المعلوم أن إقبال العبد على الله تعالى المتمثل في استقامة العبد وإقامته لأركان الدين والاجتهاد في أعمال العبادات والطاعات والذكر وأعمال البر والمعروف والإحسان، ومن المعلوم أن هذا الإقبال يقابل بإقبال من الله تعالى على العبد..
ففي الحديث القدسي يقول عز وجل: {من تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا ومن تقرب إلى ذراعا تقربت إليه باعا ومن أتاني يمشي أتيته هرولة}.. هذا وإقبال الله تعالى على العبد يعني تجليات ورحمات وفيوضات من أنواره تعالى على قلب العبد..
وعلى أثر ذلك يمنح الله العبد علوم خاصة أشار الله تعالى إليها في قوله تعالى في تعريفه للعبد الصالح سيدنا الخضر عليه السلام: {فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا}.. ويمنح أنوار ومعارف وأسرار ويؤتى الحكمة ليصبح عبدا ربانيا متصف بأوصاف الله ومتخلق بأخلاق سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله..
اقرأ أيضا: الدعاء يرفع به البلاء
من هنا وجب علينا أن نغتنم هذه الأيام المباركة وأن نجتهد فيها في قراءة القرآن وذكر الله تعالى وأعمال البر والمعروف والإحسان من إطعام الطعام وكسوة العريان ، والعطف على الأرامل واليتامى والمساكين والفقراء والمحتاجين وجبر خاطر العباد وقضاء حاجة المحتاج..
هذا ولننظر إلى ما يمر به العالم من ابتلاء ووباء حال بين المسلمين وأداء العمرة أعتقد أن التكاليف والمصاريف التي كانت ستنفق في رحلة أداء العمرة أرى أن توجه إلى الفقراء والمدينين والأرامل والمساكين وابن السبيل وأعتقد أن أجورهم لن تقل عن أجر العمرة بل تزيد.. اعتمروا وحجوا في بطون الجوعى وفي حاجة المحتاجين ولكم من الله تعالى عظيم الأجر والثواب..