رئيس التحرير
عصام كامل

هيا بنا نقرأ

لم تعد القراءة مجرد هواية، أو قضاء وقت فراغ لمن يعاني مللاً، أيام الإجازات، بل باتت اليوم ضرورة حياتية في ظل ما يهدد المجتمع من أزمات، فأي محاولات لتخريب المجتمعات وتدميرها، يكون الجهل وقودها الرئيسي في ظل استجابة كثيرين من المنقادين لأي نداء مبني على معلومة خاطئة، فيندفع الجاهل، وربما – بحسن نية أحيانا – إلى ارتكاب جريمة في حق نفسه وأهله ووطنه.

 

وليس أدل على خطورة الجهل من تتبع حركة التاريخ، فالدولة العثمانية انتهت ليس إلا لوقوفها موقف العداء مع العلم، فتحت حكم العثمانيين صدرت فتاوى بتحريم علم التشريح، وكثير من العلوم كانت محرمة، فساد الجهل مثلما ساد في أوروبا خلال العصور الوسطى، وفي القرن القرن الخامس عشر بدأت الحركة الثقافية المعروفة باسم عصر النهضة، حيث إعادة اكتشاف النصوص العلمية اليونانية، وبدا الموقف من العلم مغايرا عن ذي قبل، بعد أن أدركت أوروبا أنه لا حل للنهضة إلا العلم.

 

اقرأ ايضا: القراءة وقود للحياة

 

لقد كانت واحدة من «حسنات» نظام الرئيس الراحل حسني مبارك (اختلفنا أو اتفقنا معه)، هو مشروع مكتبة الأسرة الذي حظي بقدر كبير من الاهتمام الرسمي والإعلامي وقت ظهوره، فوصلت الكتب إلى مختلف محافظات الجمهورية بأسعار رمزية، ونال عشاق القراءة نصيبهم من تلك الكتب، واليوم أصبحنا في حاجة أشد للقراءة التي لا ينبغي أن تكون مهتمها موكلة إلى وزارة بعينها دون باقي الوزارات، بل ينغي تظافر الوزارات جميعها والجهات ذات الصلة؛ لنشر الثقافة والقراءة في ربوع مصر.

 

لدينا في مصر، كنوز في ماسبيرو من المحاضرات الصوتية والدروس العلمية لبرامج كثيرة، أمثال «العلم والإيمان، وخواطر الشيخ الشعراوي، وحديث الروح، وعالم الحيوان»، وبرامج الإعلامي أحمد فراج وغيره من نجوم الإعلام الجميل، ويمكن لوزارة الإعلام إعادة تسويق تلك المواد بأسلوب عصري عبر الـ «الفلاشات الإلكترونية»، لدينا أيضاً في دار الكتب القومية، مطبوعات لصحف تاريخية رأيتها بنفسي، ولا بد من إتاحتها حيث وثقت تاريخ مصر.

 

اقرأ ايضا: أولادنا وشبح الفراغ

 

تستطيع الدولة أن تضع طريقة تسويق تضمن المكسب المادي والتثقيف في آن واحد، فسلاح الوعي سيقوم حال نشره بين المصريين بدورين أولهما الدفاع وثانيهما الوقاية، وحال انتشار الوعي لن نجد مشاهدا للقنوات الفضائية الإرهابية المشبوهة التي تبث سمومها من الخارج، فوجود مشاهدين بيننا لهذه القنوات، ليس دليلا على قوتها ولكنه دليل على ضعف عمليات المواجهة والتحصين والتعقيم الفكري.. والله من وراء القصد.

 

الجريدة الرسمية