في بيتنا صالة جيم
لم يتحمل جيراني صوت الـ دي جي الذي صنعته لنفسي إمعانا في خلق أجواء صالة جيم خاصة جدا، اشتريت صبا صغيرا، واخترت أنواع الموسيقى الصاخبة التي يقومون بتشغيلها في الصالات وفي النوادي الخاصة بذلك..
وبدأت الجري في مكاني، بعد أن ارتديت الشورت والتي شيرت ووضعت فوطة صغيرة على كتفي، وبدأت " تندع" بعد تساقط حبات العرق من جبيني أولا، ثم بقية جسدي، وأنا أقوم بتنشيف العرق مرة بعد مرة.
اقرأ ايضا: سهرة فى "شارع الحب"
انتهى تمرين الجري في المكان، وبدأت البحث عن آخر، فقررت القفز في نفس المكان، قفزت مرة ثم أخرى وبعدها الثالثة، وشعرت بعضلات قدماي تتفكك، استرحت ثم بدأت من جديد، وبعد كل ثلاث مرات امنح نفسي استراحة، تمرين ممل لابد من تغييره، حركة الوسط يمينا وشمالا في نفس المكان، طقطقة مسموعة الصوت وكأنى أفك جدران حائط قديم متهالك، لابد أن أكمل، أكملت حتى عدد عشرة ثم استرحت.
ليست لديّ أدوات فملأت كيس المخدة بما لذ وطاب من أثقال وبدأت ارفعها عاليا في نفس المكان، وأهبط بها وهي تتمايل وكأني ألعب تمرين كيس الجوافة، لم أعبأ بما أحمله شكلا أو وزنا، فالمهم هو كسر الحظر النفسي الداخلي، انتقلت إلى صنع أداة جديدة بيد المقشة، حيث وضعت فيها ثقلين من اليمين والشمال، صحيح لم يكن الوزنان متساويين مما جعلها تميل هنا وهناك، غير أنها أدت الغرض.
اقرأ ايضا: ٥٧٣٥٧ .. العودة الغامضة
استراحة قصيرة دفعتني هواية تقليب الريموت إلى قناة تعرض أغاني شبابية غربية، وفيها ما يمكن تصور أنه يليق بصالات الجيم بلا صوت طبعا، حيث كان الصب الصغير يؤدي غرض الضوضاء التي لا أعرف ماهيتها أو وظيفتها في الصالات الكبرى إلا صنع حالة من المجهود الداخلى في مقاومة "الدوشة المزعجة".. أعترف أنها وفرت أجواء الجيم الذي لم أكن أتخيل أنه سيكون مسليا إلى حد ما.
تمرين الضغط ثم الظهر وبعدهما الجري مرة أخرى في نفس المكان، وبينما أنا منهمك في صالة الجيم وإذا بجرس الباب يقرع بلا رحمة وبلا انقطاع، ذهبت بملابس الرياضة لأستطلع من ببابي، جار مهذب تبدو على ملامحه علامات الغضب الشديد، وقبل أن أدعوه للدخول عن بعد باعتبار أن التواصل الآن يخضع لما نردده "تباعدوا تصحوا" إذا بالرجل يكيل لي من قاموس الغضب ما أخرجني من حالة النشوة.
اقرأ ايضا: الحوفي عابرا إلى جسر الخلود
احتج الرجل ومعه كل الحق على صوت الصب المزعج، بعد أن لقنني درسا في الأخلاق واحترام الجار للجار، قبل أن أعتذر غادر الرجل من أمام بابى، بعد أن رمقني نظرة ازدراء لن أنساها ما حييت، أغلقت الموسيقى الصاخبة وبدأت التمرين بلا صوت، محاولا عدم تعطيل ما نويته من كسر الحظر الداخلي المقيت.
مرة رابعة أو خامسة الجرى في المكان ثم القفز في المكان، كادت تجربتي تكتمل لولا أن جرس الباب قطع عليّ تواصلي مع الحالة، فتحت الباب فإذا بجاري الذي يسكن الشقة "تحتي" يكاد يمارس هوايته ضربا في وجهي، وهو يعلن اعتراضه على قفزي وتنطيطي، حيث إن البناية قديمة للغاية، ويكاد سقف الصالة يسقط على رأسه..
أدركت أن غضب الرجل أكبر من محاولات شرح الأمر له خاصة وأنه عريض الجسد قوي البنية، فآثرت إغلاق صالة الجيم وكتبت لافتة وضعتها على بابي من الداخل "مغلق بفعل الجيران".