الحوفي عابرا إلى جسر الخلود
بلغ الهدوء مداه ولم يعد لشارع النيل ضوضائه المعهودة عندما هاتفنى الصديق محمد عبد الفتاح مساعد رئيس التحرير لشئون الأمن والقضايا ليبلغنى أن عملية أمنية كبرى تجري وقائعها بمنطقة الأميرية ضد قوى الشر التى لا يمنعها من أداء مهمتها الخبيثة انشغال الكرة الأرضية بوباء كورونا المميت، كعادتي نبهت على الزملاء بالتعامل وفق البيانات الرسمية دون الخوض مع الخائضين على مواقع التواصل الاجتماعي.
حبست أنفاسي مثل كل المصريين وتابعت مع أصدقاء من منطقة الأميرية وقائع ما جرى، معلومات مؤكدة تشير إلى وجود خلية إرهابية خططت بليل للنيل من استقرار البلاد والعباد. أجهزة المعلومات وفي القلب منها الشهيد المقدم محمد الحوفي لا تشغلهم عن حماية الوطن أية مشاغل كان ومن معه من فرق القوات الخاصة على الخط يعرفون أدق التفاصيل وما إن وصلت القوات إلى الموقع المحدد إلا وقد وجد الإرهابيون أنفسهم محاصرين.
اقرأ ايضا: قاتل بالإيجار
مع تبادل إطلاق النيران بين قوى الشر وأبطال مصر الساهرين على أمنها كانت رصاصات الغدر قد نالت من شهيدنا ليعبر من خندق الحياة الضيق إلى آفاق الأبدية والخلود ولا نزكيه على المولى عز وجل ونحسبه إن شاء الله من الشهداء الأبرار، انطلق محمد الحوفي عابرا إلى رب كريم يعلم ما تخفي الأنفس وما تبديه وعلى الطرف الآخر كانت كل بيوت مصر تبتهل إلى الله بالدعاء لأبنائنا في مواجهة الظلام الساكن في بعض دروبنا.
لا نقول مات الحوفي بل نقول انتقل إلى عالم لا ظلم فيه وراح مع نخبة من أبنائنا الذين ضحوا بأنفسهم من أجل قيمة غالية .. إنها قيمة الأمن والأمان.. ترك الحوفي من ورائه ملايين المصريين يدعون الله عز وجل أن يوسع في مدخله ويلهم أسرته الصبر والسلوان.. هناك وفي محافظة البحيرة حيث مسقط رأس البطل المصرى المغوار تتراص الجماهير لثلاثة كيلومترات في موكب مهيب لوداع جثمانه الطاهر.
اقرأ ايضا: لماذا يجب أن نكره إسرائيل؟!
عداد الشهداء لا يتوقف ومضمار البطولة يضخ إلينا كل يوم بمئات المصريين الساهرين دفاعا عن الناس وأمنهم وأمانهم، لا يحول بينهم وبين مهمتهم المقدسة أي حائل ولا يمنعهم أي مانع .. رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه .. غادروا من أجل أن نبقى وأن تبقى بلادنا حرة لا يحكمها إرهاب أعمى أو قوى ظالمة.. رحم الله كل بطل أدى مهمته وقرر أن يكون في أول صفوف المواجهة ورحم الله بلادنا وحماها من كل شيطان رجيم وإنسان باع ضميره من أجل حفنة أموال .