رئيس التحرير
عصام كامل

حروب الجيل الرابع ومعركة الوعي (12)

فى زمن تفشي فيروس كورونا المستجد حول العالم، رافق مجموعة من "نظريات المؤامرة"، أبرزها أنه نتاج أعمال تمت في أحد المختبرات في الصين، وهو ادعاء رفضه الكثير من العلماء..

 

وبسبب سيطرة العالم الافتراضي على عقول العالم الآن تضجّ وسائل التواصل الاجتماعي بكتاب لـ"المستبصرة" الأميركيّة الراحلة سيلفيا براون، توقعت فيه أنه "بحلول عام 2020م ، سيظهر مرض شبيه بالالتهاب الرئوي يهاجم الرئتين، ويلف الكرة الأرضية كلها بسرعة، ويقاوم كل المضادات المعروفة النتيجة.

 

هذه المزاعم صحيحة نعم، ولكن أولا من هي سيلفيا براون Sylvia Browne؟

سيلفيا براون ( 1936 م -2013م) كاتبة أميركية ادعت أنها وسيطة روحية، وأن لها قدرات نفسية خاصة وقد أصبحت شخصية إعلامية شهيرة، لظهورها طوال 26 عامًا في برامج حوارية تلفزيونية وإذاعية، ولإعطائها قراءات نفسية طوال 47 عاما، وإجراء أبحاث حول الخوارق طوال 25 عاما..

 

اقرأ أيضا: حروب الجيل الرابع ومعركة الوعي "9"

 

في رصيد براون أكثر من 50 كتابا، منها 22 مرة  ظهرت في قائمة "نيويورك تايمز" للكتب الأكثر مبيعًا وفقا لما يكتب عنها موقع Encyclopedia.com ، ربما كان مجرد تخمين محظوظ، خصوصا إذا أخذنا في الاعتبار أن كتابها هذا صدر بعد بضعة أعوام على تفشي فيروس سارس -متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد الوخيم- عام  2002م  – 2003 م، انطلاقا من الصين ضربة حظ ربما، ذلك ان ما "توقعته" براون أيضا في الكتاب ذاته عن إيجاد علاج للشلل والسكتة الدماغية.. بحلول عام 2012 م ..

 

وتأكيدها أن العمى سيصبح شيئًا من الماضي بحلول عام 2020 م ، لم يصدق شيء منه غير أن براون غالبا ما تم تكذيبها، ولاحقتها انتقادات لإصدارها توقعات أو قراءات نفسية تبين لاحقًا زيفها أو عدم صحتها، ورغم هذه الصورة السيئة عنها، حافظت على عدد كبير من المتابعين والمعجبين، حتى وفاتها عام 2013م..

 

اقرأ أيضا: حروب الجيل الرابع ومعركة الوعي (8)

 

وبعض الاستعراض البسيط عن هذه الشخصية وحالة الجدل التى أوجدتها بين وسائل التواصل الاجتماعي وكل من يتابع مواقع التواصل يستطيع أن يرصد تعداد الإعجابات والتعليقات على خبر من العيار الثقيل وترسيخ نظرية المؤامرة، وأن هذه الكاتبة كشفت المخططات الأمريكية ضد العالم وأنها كشفت حقيقة فيروس كورونا وغيرها من النظريات الافتراضية والعناوين الفيسبوكية وسيل التعليقات والإعجابات..

 

كل ذلك يدعنا نقف أمام حقيقة واحدة يجب أن يعرفها الجميع أن الإهتمام داخل هذا العالم الافتراضي لا يحمل أي معقولية فنصيبه جاء من اسمه “عالم افتراضي“، في حين أن المواضيع الجادة والمواضيع التي تنفع الناس تبقى في أرض الواقع، عندما كانت الصحيفة الورقية واقع ملموس ومحسوس، وأن كل تغيير يصيب المجتمعات عبر الزمن وعلى مر التاريخ يرجع إلى شكل وسيلة الإعلام التي تربط أفراد المجتمع بما حولهم..

 

اقرأ أيضا: حروب الجيل الرابع ومعركة الوعي (7)

 

وعليه يجب زيادة جرعات الوعي المعرفي بالوسائل الإعلامية المختلفة، والموثقة في كافة المجالات حينها سيتوقف الناس عن متابعة كل من لا يحمل صفة الاعتماد، ويتم تجاهله فيحدث انزواء تلقائي، ويجب الرد الإعلامي الحكومي على ما يسمى فى المجتمع الإفتراضي الخبر (الترند) خصوصا إذا كان الأمر يتعلق بتشكيل الوعي الفكري والثقافي بين أفرد المجتمع وتكثيف الجرعات المعرفية بنشر آليات التحقق من المعلومات والأخبار من المصادر الأصلية..

 

وهي متوفرة وبصورة مجانية في كثير من المواقع المختلفة، فاليوم من السهولة التحقق من صحة الصور أو الفيديوهات وما إذا كانت مفبركة أو قديمة، ولكن الغائب هو معرفة الناس بذلك، لذا يجب الاهتمام بهذا الجانب التوعوي والمعارك عموما لا تحسم بجولة بل بجولات سواء كانت حروبا ميدانية أو حتى حروب الجيل الرابع..

 

اقرأ أيضا: حروب الجيل الرابع ومعركة الوعي(6)

 

ولكن معركة الوعي فهي أصعب معركة في الحقيقة وهي تتجاوز المعنى التقليدي في عدد الجولات فمن الواضح ان تباين دواعِ الاستخدام للعالم الافتراضي يعود إلى الاختلاف المرحلي الذي نعيشه أو تعيشه البشرية بصورة عامة.

#وللحديث بقية.

الجريدة الرسمية