الشائعات الإخوانية وحادث الأميرية
"ردا على هزيمته فى ليبيا.. النظام المصري يصفى أناسا عزل فى الأميرية". "هجوم على قسم شرطة الأميرية ومسلحون يقتلون ضباطه وأفراده بعد السيطرة على ديوانه لساعتين". تغريدات متعددة على تويتر لعدد من قيادات وأرباب جماعة الإخوان فى الخارج مثيرة للسخرية والتهكم والاشمئزاز فى آن واحد..
وكأن بشرا لم يشاهدوا بعيون رءوسهم ما جرى ليلة أمس من "تبادل" طويل لإطلاق النار عاشوا معه موقفا غير عادي؛ وأشارت إلى تفاصيله بيانات رسمية مطابقة بالفعل.
لسنوات فى حى الأميرية بدائرة الزيتون عاش أعضاء جماعة الإخوان أحبة لقيادات وسطى بالحزب الوطني المنحل؛ وانخرطوا فى عضويته أيضا حتى فى زمن نيابة رئيس ديوان رئيس الجمهورية عن سكان الدائرة بالبرلمان، حتى إذا ما حضرت يناير كاشفة؛ استقر أعضاء الجماعة فوق الأرض لشهور انخرطوا خلالها بحزبها الناشئ وضموا أغلب أعضاء الوحدات والشياخات الحزبية إليهم.
اقرأ أيضا: يتعاملون بصدق مع مهام عملهم
لا تستطيع أن تصل لحقيقة من علم الآخر الكذب، كما لا توجد مبالغة إذا ما طابقت طبيعة ومصادر الشائعات فى مذبحة محل المجوهرات الشهير بشارع نصوح عام ٢٠٠٨ ؛ بما حدث بالأمس وراح ضحيته الشهيد المقدم محمد فوزى الحوفي، وفى الحالتين يرى مروجوها أن الأمر عادي ومقبول.
كان قيادة "الوطني" الأعلى بالدائرة يعلق على اغتيال أصحاب محل المجوهرات تحت القبة بأن دائرته "زى الفل" وليس بها إرهاب، وبالأمس ودون قراءة متعلقة وموضوعية لطبيعة المنطقة وسكانها؛ قبل مستقبلو الشائعات أكذوبة الهجوم "المستمر لساعات" على مقر قسم الشرطة الواقع بين بيوت المواطنين فى أكبر شوارع الدائرة مساحة، ودون تدخل أحد من أهلها فى المواجهة، بل وقبلوا بأكذوبة أن ٧ أشخاص فقط هم من سيطروا على ديوان القسم وهو يضم بمبناه وحدات تراخيص مرور عدد من الدوائر ومصلحة الأحوال المدنية وقسما للجوازات بخلاف مقر فرعي للأمن الوطني.
اقرأ أيضا: موت أرخص من مرض
هم يسمعون أصواتهم ويغردون بخيالهم؛ ونحن هنا نعيش واقعا لا تغيب عنا مشكلات الدائرة الحقيقية منذ أكثر من ٤٠ سنة، عرفنا خلالها كيف تتحالف قوى الفساد والإرهاب فتنتج كذبا، حتى إذا ما فرقت بينهما السنوات جمعتهما الشائعات وحملت بسوءاتهما إلى عقول خربة، دون استئذان لشهود على جرائمهم.
وخطورة الأزمة فى إدارة الشائعة بطريقة شيطانية بعد التباهى بصناعة الحدث، أن تحيا خلية هنا أو مجموعة مسلحة هناك؛ تتبعها مجموعة مسلحة بالشائعات والفبركات، وصولا إلى الشماتة بموت وإصابة رجال أمن، ثم الترحم على "العزل المندسين" على الواقعة بعد انتهاء المشهد، وكأن إسقاط سيرتهم عليه كان استحضارا لأناس لا وجود لهم بسلاحهم فى الجزء الأول من سيناريو الشائعة.
اقرأ أيضا: الهروب من القاهرة
هنا فى دائرة الأميرية أيضا لا يغيب أيضا متعقلون منتمون لوطن يعرفون قيمته ويتمتعون بصدق الحديث والرواية والشهادة، وكما كانوا شهودا على تزاوج الجماعات المتطرفة فكريا بسلطة أطلقتها فى نقابات وأحزاب وجمعيات أهلية وجامعات لتضع نواة لفوضى العقول، وقفوا شهودا على مشاهد مرعبة لمسلحين خارجين على القانون لم يكن لهم سوى الاختباء بجدران ذعرا من رجال الشرطة المصرية.. ورغم قسوة الأحداث على سكان محيط الواقعة واحتياطات أمنية مشددة، لوقعت كارثة بالمعنى الأكبر للكلمة بحق أطفال ونساء وشيوخ التزموا منازلهم.
تلقيت بالأمس عشرات المكالمات من أحبة داخل وخارج البلاد للإطمئنان علي وعائلتي وبيتها البعيد عن الواقعة بأمتار، وربما كانت سطوري شارحة لما يدور فى عقول؛ فالحدث نفسه انتهى بالفعل.