الصفقة الحرام بفاكسيرا
لا يزال ملف فاكسيرا مفتوحا، ففي سنوات التراجع ضيعنا من تاريخنا الكثير، وأهدرنا الفرص وأضعنا على هذا البلد مكتسبات عظيمة كان قد حققها شعبنا في سنوات التقدم والاستقلال..
فاكسيرا ليست مجرد شركة قابضة للمستحضرات الحيوية واللقاحات، فاكسيرا قصة نضال ونجاح عظيمة تحمل أعباءها شعب، أراد منذ سنوات طويلة وقبل عصر النكبة الصناعية أن يحقق اكتفاء ذاتيا من منتجات دوائية غاية في الأهمية، فعلنا ذلك وصدرنا، ثم جاءت الطامة الكبرى بإنهاء أسطورة التصنيع المحلى لصالح “هليبة” الاستيراد.
اقرأ ايضا: قهوة مجدى ترحب بكم
الملف متخم بروائح كريهة تشتم منها كل ما هو عفن في إدارتنا للأمور، وغياب الضمير، وسيادة قيم تخريبية أرادت لنا التراجع فتراجعنا، أرادت لنا الهزيمة فمنينا بها، أغلقنا المصانع، وفتحنا وطننا للاستيراد اللعين، وأصبحنا كما أرداوا لنا مجرد مستهلكين ومستوردين للأمصال واللقاحات التي كنا روادا فيها، ولكن لماذا فعلوا بنا هذا؟!
نقدم مثالا صارخا لصراع أبدى بين قيم الاستقلال وقيم التبعية التي أرادها لنا أعداء هذا البلد.
صفقة فضيحة.. نعم هي الصفقة الملعونة وهي ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، إنها مجرد مثال صارخ على فساد مدهش وعجيب ولكنه ليس غريبا، قصة بلاغ أمام الجهات المختصة يروي كيف يتم التلاعب فيه دون وازع من ضمير..
أقرأ ايضا: اقتلوا رجال الأعمال أو انفوهم
عندما أعلنت إحدى شركات القابضة عن الممارسة العامة لتوريد أمصال وطعوم (تيتانوس ولقاح خماسي) في جلسة ٢٢ مايو من عام ٢٠١٩م تقدم لها المبلغ وقام بسداد كل ما يلزم حسب الشروط الواردة في الممارسة، ورست عليه تلك الممارسة، وانتظر فرج الله لتوريد ما رسي عليه دون جدوى، رغم أنهم أخطروه بالترسية في الثامن من أغسطس من نفس العام، مع طلب سداد مبلغ التأمين وهو ما قام به فعلا، إلا أن الشركة امتنعت عن تسليمه أمر التوريد، وفتح الاعتماد المستندي للصنفين محل الترسية دون مبرر أو مسوغ قانوني..
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل قامت الشركة بإسناد توريد الصنفين لمورد آخر بالأمر المباشر، وبذلك يصبح الطرح بالممارسة مجرد تهريج وفساد غير مبرر، يكبد صاحب الحق دفع مبالغ كبيرة لإيقاع الضرر به، ثم إسناد الطرح إلى منافس آخر بالأمر المباشر، رغم أن صاحب الحق تكبد مبالغ ثمن تصنيع الصنفين محل الترسية، ليكونا جاهزين طبقا للمواعيد الواردة في كراسة الشروط، والتي انقضي موعدها دون فتح الاعتماد المستندي وتسليم المبلغ أوامر التوريد.
لم يتوقف صاحب البلاغ عن المطالبة بحقه القانوني، وظل في مراسلات مع الشركة دون جدوى إلا بتهديده بالشطب من سجل الموردين طرفهم، وكأن القانون لعبة في أياديهم، فلم يصمت المبلغ أمام هذا الظلم، وتقدم ببلاغه إلى عدة جهات..
إقرأ ايضا:كارثة في قطاع السياحة
القضية هنا ليست في ممارسة تم إلغاؤها بلا وازع قانوني، وإسناد الأمر إلى غيره، وإنما تتعدى ذلك للتساؤل عن سبب الإسناد بالأمر المباشر إلى شركة لم ترس عليها الممارسة، وما يحمله ذلك من ظنون وشكوك قد تصل إلى حد الفساد.
الأكثر إثارة أن الشركة فتحت الأسبوع الماضي أربعة اعتمادات مستندية للشركة المحتكرة التي أسندت إليها الممارسة بالأمر المباشر بأحد البنوك بعيدا عن الممارسة لنفس الأصناف ليبدأ توريدها مخالفة بذلك لشروط الممارسة والتوريد لفرض سياسة الأمر الواقع..
والسؤال: ألا يعد الإسناد المباشر لممارسة جرت كل إجراءاتها وتمت ترسيتها إلى شركة أخرى فسادا؟! وهل لهذا الفساد ثمن؟ ومن يحصل على هذا الثمن؟ مجرد أسئلة نريد الإجابة عليها.. ولايزال الملف مفتوحا حتى إشعار آخر!!