قهوة مجدى ترحب بكم
في العدد السابق حولت غرفة المعيشة إلى صالة سينما، واستمتعت بمشاهدة العرض الأول لفيلم شارع الحب، وفي هذا العدد استخدمت كل إمكانياتى لتحويل غرفة المعيشة إلى قهوة صغيرة، ونقلت الترابيزات الصغيرة لتصبح متباعدة عن بعضها، رغم أنى الزبون الوحيد، وتلك هي مقهى مجدى..
ومجدى هذا يمتلك "قهوة" بلدى في إحدى حواري وسط القاهرة، العامرة بكل مالذ وطاب من مقاه سبع نجوم وأخرى لا ترقى إلا إلى مجرد غرزة صغيرة على رصيف باهت من أرصفة الأزقة الضيقة، كنت قد أمضيت عليها عمرا مع مجموعة من الزملاء!!
اقرأ ايضا: كارثة في قطاع السياحة
امتلك راديو قديما قدم العشرينيات، ولا يزال يعمل بطاقته كما لو أنه منتج حديثا، وضعته على رف كان يضم مجموعة من التحف النحاسية، ووضعت بجوار الراديو قائمة أسعار تضمنت أنواعا متباينة: شاى منه فيه عشرة جنيهات.. شاى فتلة سبعة جنيهات.. شاى كشرى خمسة جنيهات.. حلبسة عشرة جنيهات..
قهوة مانو عشرة جنيهات.. قهوة سادة أو زيادة أو ع الريحة سبعة جنيهات.. معسل سلوم أو قص أو البرج خمسة جنيهات.. معسل تفاح عشرة جنيهات.. مياه معدنية لا يوجد!!
اقرأ ايضا: اقتلوا رجال الأعمال أو انفوهم
كنت قديما من رواد الشيشة مستمتعا بمعسل سلوم، ورغم إقلاعى عنها وانتقالى إلى صف مدخنى السجائر -مدخن خفافي- إلا أن أجواء قهوة مجدى أعادتنى إلى الرغبة القديمة، فطلبت لنفسي حجر معسل وصاية بنار خفيفة، قمت من مقعدى، وأعددت لنفسي حجر المعسل، وجلست أتنفسه من الأعماق، بعد أن طهرت المبسم جيدا ، ووضعته في ماء مغلى لزوم دلع الزبون اللى هو أنا طبعا.
بعد لحظات من الاستمتاع بالشيشة، لاحظت أن المعسل بحاجة إلى فنجان قهوة سادة، فطلبته وتوجهت إلى النصبة" ومحلها هنا في مطبخى، وأعددت القهوة ووضعتها على صينية حقيرة من صوانى مجدى المتعارف عليها، وعدت إلى "الترابيزة" وجلست بعد أن صببتها في الفنجان لتصعد رائحتها وتسرى في بدنى، قبل أن أتناول "لى الشيشة" لاستكمال مسيرة شد النفس بعمق، ولكن خذلتنى النار التي يبدو أنها انطفأت.
اقرأ ايضا: لحظة انتحار
طلبت تغيير حجر المعسل، وقلت بصوت مرتفع:" وعندك واحد معسل وصاية للباشا هنا " وطبعا أنا الباشا المقصود.ذهبت سريعا إلى "راكية الفحم" وجلبت بعض قطع منها، بعد النفخ بقوة فيها لاستعادة نشاطها، غير إنى وبمجرد تناولى للمبسم، اكتشفت أن القهوة أصابتها برودة أفقدتها أحد أهم مزاياها، وهي أن تتعاطاها ساخنة، طازجة، شهية برائحة زكية، تركت " لى الشيشة" وعدت إلى "النصبة" وأعددت فنجانا آخر وعدت سريعا لأكتشف أن فحم الشيشة دب فيه الموت ولم يعد نارا.
بعد ساعتين من الشد والجذب وتمثيل دور القهوجى ودور الزبون دق جرس الباب.. جاري العزيز يقول لى: "رائحة المعسل تفوح من النافذة المطلة على مدخل البناية؟ وقبل أن أفسر له الأمر باغتنى.. ممكن تسمحلى آخد معاك حجر.. هنا أسقط في يدى وشرحت له الفكرة، مؤكدا عليه أن التواصل الذي كنا نعتبره مزية إنسانية بين الجيران أصبح له تبعات خطيرة وتبدلت الأحوال وأصبح الشعار "تباعدوا تصحوا".
اقرأ ايضا: سد النهضة.. من المراوغة إلى المواجهة
رغم الأدوار التي حاولت أن ألعبها بعد تحويل غرفة المعيشة إلى قهوة بلدى إلا أنني اكتشفت أن فاتورة الحساب تعدت الخمسين جنيها وهو أمر قد يغريني أن أعود فأدعو جاري العزيز ومن يحب لمشاركتى شريطة أن يدفعوا ما كانوا يدفعونه على قهوة مجدى!!