لماذا يتصدر ذوو الأصول الأفريقية ترتيب ضحايا كورونا في الولايات المتحدة؟
لم يتفاجأ الكثير من الأمريكيين في أن يكون الاختلاف العرقي سببا رئيسيا لارتفاع ضحايا فيروس كورونا المستجد في البلاد بعد أن بدأت العديد من المدن كشيكاغو ونيو أورليانز ولاس فيجاس وولايات ماريلاند وكارولينا الجنوبية في الكشف عن بيانات الضحايا الذين كانوا أغلبهم من السود الأمريكيين.
وبعد أن ربط البعض هذا الأمر بقضايا عدم المساواة التاريخية في الولايات المتحدة، إلا أن البعض الآخر تطرق إلى أسباب أخرى ربما تكون غير متوقعة ويمكن التعامل معها نشرتها شبكة «BBC» البريطانية ونرصدها فيما يلي:
مواصلة العمل بالرغم من الإغلاق
قالت عاملة متجر التسوق كلاريونتا جونز من نيو أورليانز والتي تخشي الإصابة بالفيروس وتشعر بأن الخيارات أمامها محدودة للوقاية من الفيروس بسبب عملها: ""لا نعرف إذا كان الزبائن الذين يأتون إلى المحل مصابون بالفيروس أم سالمين".
وأوضحت كلاريونتا أن راتبها يعد الدخل الوحيد في منزلها مشيرة إلى أنه حتى مع إجراءات التسريح والبطالة التي تشهدها المدينة تتم مطالبتنا بدفع إيجار شهر أبريل، وقالت: "بصراحة ، إذا أصُبت بالفيروس فلن أتوقف عن العمل سأتناول أدوية الانفلونزا وأذهب إلى العمل لا أريد أن أضيع راتبي ، لدي طفلان ولا أستطيع البقاء في البيت ليس لدي خيارات آخرى".
الوباء يدمر الحي
قال القس مارشال هاتش من شيكاغو: "كانت شقيقتي رودا ، كبيرة الأسرة ، وكانت الأولى في عائلتنا التي درست في الجامعة وحصلت على شهادة وأصبحت معلمة في مدرسة عمومية، وكانت إنسانة ودودة للغاية وصافية النفس والشخصية".
وتوفيت شقيقة القس رودا هاتش ، والبالغة من العمر 73 عاما ، في 4 أبريل بعد أن أمضت ثمانية أيام في المستشفى تحت جهاز التنفس الصناعي جراء الإصابة بفيروس كورونا المستجد، وقبلها بيومين توفي أيضا أفضل صديق للقس هاتش ، لاري هاريس جراء الإصابة بالعدوي عن عمر ناهز الـ 62 عامًا.
ويعتبر القس هاتش أن الوباء يستهدف الحي الذي يعيش فيه بأكمله والذ يقع في غرب جارفيلد بارك ، ويعيش فيه معظم الأمريكيين ذو الأصل الأفريقي بالكامل ، إذ أنه فقد حتى الآن أربعة أشخاص مقربين.
وأضاف القس: "حاولنا العثور على قبر لدفن شقيقتي يوم السبت ، لكن الأمر كان أصعب من أي وقت مضى ، كنا نتوقع هذا الوضع ، فبالتأكيد تفشي هذا الوباء يؤثر بشكل غير متناسب على المواطنين من أصل إفريقي في المدينة ، إذ يعيشون تحت حصار وعنف اقتصادي".
وبحسب بيانات إحصاء المدينة، يتميز حي غرب جارفيلد بارك بمتوسط عمر يبلغ 16 عامًا ، ويعتبر حي شاب أكثر بكثير من الحي المجاور له والذي تقطنه غالبية من البيض ويقع على بعد 5 كيلومترات فقط ، وتشير البيانات التي تم نشرها إلى أن 68 % من الوفيات الناجمة عن فيروس كورونا في المدينة كانت من الأمريكيين الأفارقة الذين يشكلون حوالي 30 % فقط من السكان.
ويعتبر السكان في منطقة ريفراند هاتش ، أقل استفادة من التأمين الصحي وأكثر عرضة للعيش في سكن مزدحم بالمقارنة مع عامة السكان ، حيث نشر شباب سود على وسائل التواصل الاجتماعي أنهم تعرضوا للمضايقة من قبل حراس الأمن في المتاجر حتى أنهم أُمروا بمغادرة المكان في حال استخدامهم قطعة قماش أو كمامة تغطي أفواهم وأنفوفهم.
الأفارقة يتعرضون للتمييز العنصري في الصين بسبب كورونا
أمراض ترتبط بالمواطنين السود
تعاملت الدكتورة جانيت كوليك يوميًا في عملها في ميلووكي مع هذه المعلومات الخاطئة. بصفتها مفوضة الصحة في مدينة تقارب نسبة سكانها السود 40 % منها ، وفي الوقت الذي كانت وزارتها تعد استراتيجيات لمواجهة الشائعات التي كانت تتحدث على أن الإصابة بالفيروس مرتبطة بالسفر إلى الخارج وأن السود غير معرضين للإصابة كان الفيروس قد اجتاح المدينة.
وكشفت المتحدثة أنه في الأسبوع الأول تم تسجيل حوالي 80 إصابة في المدينة وكانت 70 % منها في صفوف السود، وأشارت الدكتورة إلي أنها تعتقد أن السبب الرئيسي الذي يجعل الأمريكيين الأفارقة معرضين أكثر من غيرهم للإصابة بفيروس كورونا هو إصابتهم ببعض الأمراض ، حيث قالت: "الوفيات جراء الفيروس كانت مرتفعة جدا عند الأمريكيين من أصل أفريقي، أعتقد لأن أمراض القلب والسكري والربو والسمنة تنتشر بشكل كبير في مجتمعاتهم".
العنصرية هي المسئولة
وقالت الدكتورة إن الدراسات أشارت إلي أن الأسباب الأخرى التي تجعل السود عرضة للإصابة بالفيروس والوفاة، هي ارتفاع مستويات هرمون الإجهاد مثل الكورتيزول لفترة طويلة ما يؤدي إلى الشيخوخة المبكرة للجسم ، وهذه الحالة مرتبطة جدا بالسود في الولايات المتحدة كونهم ضحايا العنصرية ، كل هذه الحقائق يمكن ربطها بالعنصرية المتجذرة والسياسات والممارسات المعمول بها في هذا البلد منذ فترة طويلة جدًا".
وأختتممت: "الطريقة التي يتأثر بها الأمريكيون من أصل أفريقي من هذه الأزمة والصعوبات التي لا تزال قائمة في اختبار فيروس التاجي في المجتمعات ذات الدخل المنخفض جعلت الناس يشعرون بأنهم مهملون مرة أخرى".