الدور المصري في حرب النفط العالمية
مصر بموقعها الجغرافي الفريد، تمثل نقطة اتصال بين قارات ثلاث (آسيا،إفريقيا وأوروبا)، وهذا الموقع جعل مصر وأراضيها الطريق الوحيد الآمن لنقل معظم إنتاج الدول العربية من النفط إلى القارة الأوروبية.
اقرأ أيضا: التحرشات التركية لمصر وموقف روسيا منها
وهذا الطريق يتمثل في قناة السويس والتي تمثل مع مضيقي المندب وهرمز ما يسمى بترويكا المضايق.
وهذه الترويكا تلعب دورا إستراتيجيا في سوق النفط العالمي. ولكن هذه المضايق الثلاثة يمكن في أي لحظة أن يصيبها خلل أمني سواء حرب إقليمية كما حدث في فترة سنوات الحرب المصرية-الإسرائيلية، والتي أدت إلى غلق قناة السويس، مما كان له دور بالغ في أسعار النفط العالمية حينها.
اقرأ أيضا: مدينة الزبالين.. وروسيا
وأيضًا في الفترة الأخيرة عندما رأينا تهديدات حقيقية في منطقة مضيق هرمز ومضيق باب المندب لناقلات النفط، الأمر الذي يؤكد على أن ترويكا المضايق هذه دائما تقع تحت رحمة أي ظروف إقليمية أو دولية، خصوصًا مع وجود عدو خطير- إيران.
لذلك يظل خط سوميد هو الخيار الإستراتيجي الأول لسوق النفط العالمي وليس فقط للدول العربية، خصوصًا في هذه الفترة التي يمر بها العالم، وخط سوميد هو الشركة العربية لأنابيب البترول (SUMED) وهي شركة مساهمة مصرية تقدم خدمات النفط والغاز، التي تقدم النقل والتخزين والتعامل مع كل من النفط الخام والمنتجات البترولية.
وتمتلك "سوميد" اثنين من خطوط أنابيب النفط بقطر 42 بوصة بطول 320 كيلومتراً في جميع أنحاء مصر، انطلاقاً من خليج السويس إلى البحر الأبيض المتوسط ما يوفر بديلاً اقتصادياً لقناة السويس لتصدير النفط من الخليج العربي إلى البحر الأبيض المتوسط، وبالأخص في ظل عدم قدرة القناة على استيعاب الناقلات العملاقة وفي ظل الأخطار التي تحدق بترويكا المضايق.
اقرأ أيضا: هل قررت روسيا إحياء سياسات الاتحاد السوفيتي في أفريقيا؟
فخط سوميد يعتبر نقطة اتصال تربط الشركات المنتجة للنفط في الشرق الأوسط بمراكز التكرير الغربية.
توفر الشركة منفذًا سريعًا وآمنًا لصادرات الخليج العربي من النفط الأوروبي مع ما يقرب من 80٪ من هذه الصادرات تعبر خطوط أنابيب SUMED. المساهمون في هذه الشركة هم الشركة المصرية العامة للبترول 50% ، أرامكو السعودية 15٪ ، الهيئة العامة للاستثمار - الشركة الكويتية للاستثمار. - الشركة الكويتية لصناعة الأنابيب المعدنية 15٪ مبادلة 15٪ وأخرى 5٪.
إذن مصر بالفعل هي التي تلعب الدور الأهم في نقل النفط من أماكن إنتاجه حتى المستهلك الأوروبي، ولا فائدة نهائيًا من إنتاج النفط دون ضمان وصوله للمستهلك، ومصر في هذه الحالة هي الضامن، لذلك يمكن للقاهرة تعزيز ثقلها السياسي بل والعمل كوسيط في العلاقات الروسية -السعودية، لان الدور الأمريكي هنا غير فعال بالمرة..
فمصر مع امتلاكها لعلاقات إستراتيجية مع أكبر منتجي للنفط في العالم (المملكة السعودية والاتحاد الروسي) يجعلها بالفعل قادرة على لعب هذا الدور خصوصا وأن مصر دولة ترانزيت لأهم خط نفط في العالم. بالإضافة لذلك فإن لعب مصر هذا الدور سيعطي دورا أكبر لجامعة الدول العربية حيث يمكن لمصر أن توازن بين الأساليب الحالية وتستبعد التأثير الأمريكي المفرط على أعضائها.
اقرأ أيضا: المصريون بالخارج واتفاقية لاهاي بشأن التصديق (معاهدة أبوستيل)!
فاستمرار حرب النفط هذه بين المملكة العربية السعودية وروسيا هي بلا أدنى شك ليس في مصلحة معظم الدول العربية الأعضاء في الجامعة، ولذلك سيمثل الدور المصري في دخولها على خط المفاوضات الروسية - السعودية أمرا مهما جدًا للأمن القومي العربي بشكل عام. وعمليًا يمكن العمل على ذلك خصوصا قبل اجتماع روسيا ودول الأوبك يوم الاثنين القادم.
وهنا يجب الإشارة إلى أن مصر ستستخدم علاقتها الودية القوية مع كل من موسكو والرياض، ولن تستخدم أوراق الضغط التي في يديها كما تفعل دولة مثل تركيا.