مدينة الزبالين.. وروسيا
هناك العديد من الجهود الواضحة للرئيس عبدالفتاح السيسي، منذ أن أصبح رئيسًا لمصر في عام 2014، في تحويل وجه مصر المعماري لكي يكون واجهة مشرفة، يفتخر بها كل مصري. ولمَ لا؟! فنحن المصريين أول من عمروا هذه الأرض، وأول من علموا العالم كيفية البناء، ووجود الأهرامات على أرضنا خير شاهد على ذلك.
إلا أن هذه الجهود تذهب أدراج الرياح، بسبب التقارير المصورة التي تتداولها بعض وسائل الإعلام الروسية عن مدينة الزبالين في القاهرة. للأسف هذه التقارير يتم تداولها بشكل دوري، فتصيبني، كمصري يعيش في دولة روسيا، بالحزن الشديد.
هذه التقارير دائمًا ما تصدر بعناوين، بعضها مثل: أوسخ مكان في العالم، أو كيف يعيش المصريون في الزبالة؟! أو كيف يعيش البشر في هذا المكان؟! وكأنَّ مصر عبارة عن مكان كبير للقمامة، وكأن المصريين كلهم يعيشون في هذا الحي أو هذه المدينة.
بالطبع هناك أغراض خبيثة من جانب وسائل الإعلام الروسية، والتي ينتمي معظمها للأموال اليهودية، لإظهار مصر بهذا الشكل، وأيضا لإظهار أن المسيحيين في مصر يعيشون في هذا المكان المقزز، ودير الأنبا سمعان يوجد أيضًا في داخل هذه المدينة غير الآدمية.
وأكثر ما يغيظني كمصري هي ابتسامات قاطني هذه المدينة، وبالفعل هذه الابتسامات تعد مصدر سخرية من جانب الروس (كيف يعيش الإنسان في هذا المكان، وبالرغم من ذلك سعيد ويبتسم).
لكن نحن أيضا مخطئون تمامًا، لأسباب عديدة، أهمها السماح بوجود مثل هذا الحي، والسماح أيضًا بالتصوير في مثل هذه الأماكن التي تعد عارًا على كل مصري نظيف.. هل أستطيع أنا أن أقوم بتقرير مصور عن النابشين في صناديق الزبالة الروسية؟! بالطبع لا أستطيع، فلن يُسمح لي.
لكن في مصر كل شيء متاح لأي صحفي أجنبي يريد أن يلقي الضوء على أي ظاهرة سلبية في مصر (بالرغم من أن دول العالم بها ما بها من الظواهر السلبية)؛ ففي نفس توقيت المحاولات المصرية لاستعادة السائح الروسي لكي يزور مصر، نرى تقارير إعلامية عن كيف يعيش المصريين على تلال القمامة!.
أرجو أن يهتم الأمن المصري، أولا، بعدم السماح لأي صحفي أجنبي بأن يصور ويقابل الناس كما يريد، فهذا أمر مهم؛ فنحن، كمصريين قبل الحكومة، انتقدنا نشر مقال لوزير إخواني سابق عن الاقتصاد المصري في "فورين بوليسي"، ولا نهتم بنشر تقارير عن حياة المصريين الذين يعيشون في الزبالة، عن طيب خاطر!!
نرجو من القيادة المصرية توجيه اهتمامها لمثل هذه المناطق التي تعتبر عارًا على مصر والمصريين.. لماذا أقول "مناطق عار"؟ لأن المصريين في هذه المناطق يعيشون عن طيب خاطر بسبب الأموال الكثيرة التي يكسبونها من هذه القمامة.
لماذا لا نقوم بعمل مشروع وطني لهذه المنطقة، فننشئ مصنعًا ضخمًا لتدوير القمامة، يعود بالخير على القاهرة ككل، وليس فقط على مدينة الزبالين؟! ألا يوجد في مصر أحد يعمل دون أن ينتظر اهتمام الرئيس شخصيا؟!.