التحرشات التركية لمصر وموقف روسيا منها
تركيا منذ عام 2013 دائما ما تتحرش بالمصالح المصرية، سواء بدعمها اللامحدود لجماعة الإخوان الإرهابية في مصر أو بإرسال الأسلحة والذخائر للجماعات الإرهابية في ليبيا، الأمر الذي يمثل تهديدا كبيرا على الأمن القومي المصري، وأخيرا أدلى جاويش أوغلو وزير الخارجية التركية بحوار إلى صحيفة "كاثيميريني" اليونانية، أن بلاده تخطط للبدء في أعمال تنقيب عن النفط والغاز شرقي المتوسط في المستقبل القريب، وشدد على أن التنقيب عن هذه المصادر وإجراء دراسات عليها يعد حقا سياديا لتركيا، كما رأى أن الاتفاقية المبرمة بين مصر والشطر اليوناني من قبرص "لا يحمل أي صفة قانونية."
ويعد هذا الحديث الأخير لوزير الخارجية حلقة من سلسلة المناوشات التركية ضد مصر، فتركيا تعلم جيدا الأثر الاقتصادي والسياسي القوي جدا لاتفاقيات ترسيم الحدود التي أبرمتها مصر مع بعض دول حوض البحر الأبيض المتوسط، لذلك تسعى بشكل أو بآخر لإفشال هذه الاتفاقيات المهمة، وأهم اتفاقية تسعى تركيا لإفشالها هي اتفاقية ترسيم الحدود البحرية المصرية- القبرصية التي أبرمت في العام 2013، وترجع الرغبة التركية إلى حالة العداء مع دولة قبرص وأيضا حالة العداء مع مصر، لا ترضى تركيا نهائيا عن الاكتشافات المصرية للغاز الطبيعي في البحر الأبيض المتوسط وعن انتقال مصر لقائمة الدول المصدرة للغاز في العالم.
وبعيدا عن ذلك تلعب تركيا لحسابها فيما يخص حروب خطوط الغاز في منطقة البحر الأبيض المتوسط، فتركيا هي مركز وبوابة لعدد من مشاريع خطوط أنابيب الغاز القادمة من آسيا إلى أوروبا: وأهم مشروع هو خط غاز "نابوكو" الذي يخرج من مناطق بحر قزوين مرورا بتركيا ووصولا للنمسا.
أيضا خط أنابيب الغاز "باكو- تبليسي- أرضروم" الذي يهدد حظوظ روسيا في الحفاظ على سوق الغاز الأوروبية، وأيضا هناك خط غاز آخر يبدأ من إيران وينتهي في أنقرة، وهذا الخط يعرف بخط غاز "تبريز- أنقرة".
واستكشاف حقول غاز عملاقة من جانب مصر يقلق تركيا بشكل كبير للتأثير السلبي الكبير على خطط تركيا لكي تصبح الدولة الترانزيت لجميع خطوط الغاز القادمة من آسيا إلى أوروبا مما سيعطي ميزة كبيرة لتركيا في خططها للانضمام للاتحاد الأوروبي، والأمر الذي تهدف معه تركيا التشويش على معاهدات تقسيم الحدود البحرية في شرق الأبيض المتوسط هو مسألة اتفاق لإقامة خط أنابيب غاز بين قبرص واليونان وإسرائيل وإيطاليا تحت الماء لنقل الغاز من حقل ليفياثان الإسرائيلي إلى إيطاليا.
وهذا الخط سيبدأ من ليماسول (قبرص) ثم يتجه جنوبًا إلى المياه المصرية ويتجه الخط بعد ذلك إلى كريت ثم اليونان إلى إيطاليا، وهذا الخط خصوصا من الممكن معه أن ينشب نزاع عسكري بين تركيا، قبرص، إسرائيل، اليونان ومصر، نظرا للتأثير المباشر على خطط رجب طيب أردوغان في هذا الملف.
أما روسيا التي لديها نسبة 30% من حق ظهر المصري العملاق من خلال شركة روس نفط، التي تدخل في شراكة إستراتيجية مع شركة إيني الإيطالية في مشاريع أخرى في البحر المتوسط ستتدخل بشكل مباشر لحماية مصالحها الاقتصادية في هذه المنطقة المهمة، خصوصا أن هناك أنباء عن شراء شركات روسية لحصص في حقول الغاز الإسرائيلية مما سيزيد من حجم المصالح الروسية في شرق الأبيض المتوسط.
أما فيما يخص خط السيل الجنوبي الروسي الذي سيَمر بالأراضي التركية فسيكون له حساب عندما تتعامل روسيا مع التهديدات التركية في البحر الأبيض، أما مسألة المحاولات التركية لفرض إرادتها على شرق البحر الأبيض المتوسط فلن تكتب لها النجاح نهائيا بسبب الوجود المصري العسكري القوي في البحر الأبيض، التواجد الروسي، وبسبب تلاقي المصالح الإسرائيلية، القبرصية، اليونانية، الإيطالية والمصرية.