مركز الأزهر للفتوى: الامتناع عن دخول الحجر الصحي جريمة دينية وكارثة إنسانية
ورد إلى مركز الأزهر العالمي للفتوى، سؤال عبر الصفحة الرسمية على موقع "فيس بوك"، حول الحجر الصحي وحكم الامتناع عن دخوله.
وأجاب "الأزهر" بأن الحجر الصحي واجب شرعي على المرضى والمصابين بمرض معد، والامتناع عنه جريمة دينية وكارثة إنسانية يرتكبها الإنسان في حق نفسه ودينه ووطنه.
وأفاد بأن الإسلام الحنيف والشرع الشريف اهتم اهتماما بالغا بأسس الصحة العامة، والمحافظة عليها من الأمراض والأوبئة، وذلك عن طريق الطب الوقائي، فالإسلام أول من وضع قانون الحجر الصحي، ليتمسك به المسلم تمسكا قويا، ذلك أن المسلم إذا كان قويا صحيح البنية كان أقدر على القيام بواجباته.
واستشهد بما ورد عن أسامة بن زيد –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «الطاعون آية الرجز، ابتلى الله -عز وجل- به ناسا من عباده، فإذا سمعتم به، فلا تدخلوا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها، فلا تفروا منه» [رواه مسلم].
وذكر أن الحجر الصحي: «هو المنع من دخول أرض الوباء، أو الخروج منها؛ منعا لانتشار العدوى بالأمراض المعدية السريعة والانتقال مثل الطاعون والكوليرا والتيفوس وكورونا المستجد، ويعتبر الحجر الصحي أعظم نظام في الطب الوقائي، وأقوى وسيلة يلجأ إليها للوقاية من الأمراض الوبائية؛ لحصر المرض في أضيق حدوده وحجره في مهده الأول حتى لا ينتشر وتكثر الإصابة به».
ولفت إلى أنه كذلك وردت نصوص نبوية شريفة ترشد إلى منع اختلاط المريض بالأصحاء؛ حماية لهم وحفاظا عليهم، فعن أبي هريرة –رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يوردن ممرض على مصح» [رواه البخاري]
واستشهد بما ورد عن عمرو بن الشريد، عن أبيه، قال: كان في وفد ثقيف رجل مجذوم، فأرسل إليه النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إنا قد بايعناك؛ فارجع» [رواه مسلم].
واستكمل أنه عن ابن أبي مليكة، أن عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- مر بامرأة مجذومة وهي تطوف بالبيت، فقال لها: "يا أمة الله، لا تؤذي الناس، لو جلست في بيتك"، فجلست في بيتها، فمر بها رجل بعد ذلك، فقال: إن الذي نهاك قد مات، فاخرجي، فقالت: "والله ما كنت لأطيعه حيا وأعصيه ميتا" [موطأ مالك].
اقرأ أيضا:
هل التصدق فى وقت أزمة الكورنا له فضل خاص؟.. الأزهر يجيب
ولفت إلى أن عزل المرضى والبعد عن مخالطتهم إلا لضرورة قد أمر به الشرع الشريف، وهذا لا ينافي التوكل على الله -سبحانه-، بل هو مقام عين التوكل، فقد تعبدنا الله -تعالى- بألا نلقي بأيدينا إلى التهلكة، فقال -جل جلاله-: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} [البقرة:195]، كما أمر –سبحانه- عباده أن يأخذوا حذرهم من كل ما يمكن أن يلحق الضرر بهم ويهلكهم، وأكد وجوب حفظ النفس بقوله -تعالى-: {خذوا حذركم} [النساء:71].
وقال الأزهر إن الحجر الصحي تدبير احترازي يقتضي منع اختلاط مرضى الأمراض المعدية بجمهور الأصحاء، والامتناع عنه حرام شرعا، وهو من الإجراءات الصحية المعتبرة، والأسباب الوقائية في المجتمع المتحضر الآن، وأول من وضع نظام الحجر الصحي ونفذه وأمر به النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولقد تم تطبيقه عمليا لدى الصحابة -رضى الله عنهم-، وكان من أثر ذلك إنشاء أول مستشفى للحجر الصحي في الإسلام، وكان للمجذومين على يد الوليد بن عبد الملك عام (88ه/706م)، في حين لم تعرف الدنيا وقتها هذا النوع من المستشفيات.
وقامت العديد من دول العالم بتبني ما شرع على لسان سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، وأيدته التجارب الطبية بعد قرون كثيرة، بل وأصبح من الإجراءات التي تلجأ إليها المستشفيات العامة والخاصة في مناحي العالم للقضاء على أمراض كثيرة معدية، وأثبتت في هذا الفاعلية في مكافحة انتشار العديد من الأمراض المنتقلة.
وتوصل العلماء في الطب الحديث إلى أن حصر المرض في مكان محدود يتحقق بإذن الله بمنع الخروج من الأرض الموبوءة.
وأكد أن النهي عن الخروج من الأرض الموبوءة يمثل حجرا صحيا سبق إليه الإسلام الطب بمئات السنين، كما أن منع الدخول إلى الأرض الموبوءة يعد إجراء وقائيا سبق إليه الإسلام.