هل يدفع الأبناء ثمن أخطاء الآباء؟
يقولون إن الأبناء يدفعون ثمن ما يفعله الآباء، مع أن الأبناء لا دخل لهم بما كان يفعله الأب أو الأم، فهل فعلا يعاقب الابن على أعمال أبيه أو أمه؟
يجيب عن هذا السؤال فضيلة الشيخ عطية صقر الرئيس الأسبق للجنة الإفتاء بالأزهر الشريف فى كتابه "أحسن الكلام فى الفتاوى والأحكام" (الجزء الأول: العقائد) فيقول:
يقول الله سبحانه فى كتابه الكريم: (ولا تَزِرُ وازِرةٌ وِزْرَ أُخْرَى) (الإسراء: 15) ويقول أيضا فى سورة المدثر: (كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينةٌ) ويقول سبحانه فى سورة الطور: (كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ).
اقرأ أيضا: حكم الشرع فى اتفاق الزوجين على عدم الإنجاب
هذه الآيات وأمثالها التي تدل على أن الله لا يظلِم أحدا فيعاقبه بما جناه غيره، متفق على أنها في يوم القيامة عند الحساب والجزاء، لكن في عقاب الدنيا قد يؤخذ البريء بسبب معصية غيره عندما يجيء عقاب عام كالخسف والزلزال بسبب شيوع المعاصي، كما في حديث البخاري ومسلم "يغزو جيش الكعبة، فإذا كانوا ببيداءَ من الأرض يُخسَف بأولهم وآخرِهم ثم يُبعثون على قدر نيّاتِهم" ومنه ما جاء في بعض الأدعية: (ربنا لا تؤاخِذنا بما فعل السُّفهاءُ مِنّا)
فالأبناء وغيرهم يؤخذون بذنوب آبائهم ومجرميهم إذا كثر الفساد، وذلك في عقاب الدنيا، وسيعوض الله الأبرياء خيرا في الآخرة، والآباء إذا كانوا مجرمين سرت العدوى إلى أولادهم بالتقليد والمحاكاة، وكرههم للناس لكراهتهم لآبائهم، فشؤم معصية آبائهم يلحقهم في معاملات الدنيا طوعا أو كرها، أما الأعمال، فكل واحد مسؤول عن عمله يوم القيامة أمام الله..
اقرأ أيضا: حكم الشرع فى المسح على "الشراب" النايلون الشفاف
وعلى ضوء هذا يفهم الحديث القدسي الذي رواه أحمد عن وهب ( أنِّي إذا أُطِعتُ رَضِيتُ، وإذا رَضيت باركت، وليس لبركتي نهاية، وإذا عُصيت غَضِبْتُ، وإذا غضبت لعنت، ولعنتي تبلغ السابِع من الولد)، على شاكلة هذا لو اختار الرجل زوجة صالحة كان هناك أمل في صلاح الأولاد، وقد نزعهم عرق من الأم، ومن هنا كانت الوصية (تخيّروا لنُطَفِكم فإنّ العِرق دسّاس)، وقال أبو الأسود الدؤلي لأولاده: قد أحسنت إليكم صِغارا وكبارا وقبل أن تولدوا، حيث اخترت لكم أما لا تسبون بها، فجناية الآباء تصيب الأبناء في مثل هذه الأمور الدنيوية.