ريشة فى مهب الريح
مع بداية الليلة الأولى من تطبيق حظر التجوال الجزئى، للحد من إنتشار فيروس كورونا المرعب، تذكرت وأنا احتسي رفيقتى الأبدية القهوة، كم النعم التى كنا نحيا بها ولا ندرى، فقط كنا نستحضر النقمة عليها وتمنى تغييرها إلى الأفضل..
وجاء هذا القاتل ليحطم كافة نظريات البشر وتطلعاتهم، ليؤدب البشرية قاطبة وليكون بمثابة قرصة أذن، لمن كره وتربص واستقوى وتحزب، ويجعل الجميع يتعلق بأمل واحد ألا وهو النجاة فقط النجاة.
جاءت الرسالة الإلهية واستوعبها كل ذى عقل بأن أبناء البشرية قاطبة ليسوا أعداء لكنهم الان يتوحدون تحت راية مأساة واحدة وتهديد شبح لايري.
اقرأ ايضا: اخفض أنفك
كنت كثيرا ما أنقم على صخب وزحام منطقتى الشعبية، أضجر من ضجيجها، والآن تغير المشهد، افتقدت نرد المقهى، صياح وضحكات شباب الحى، تجولى بلا خوف من الهواء الذى أتنفس، مصافحة عم رومانى بائع الخضروات، المزاح مع مصطفى بائع الألبان.
صمت كل هذا فجأة مع بداية تطبيق حظر التجوال، ولم يبق إلا أنا وقهوتى ونظرات متطلعة إلى السماء الصافية وتضرع إلى الله عز وجل أن يكشف الغمة عن البشرية، أن تعود حياتنا العادية التى لم نقدر قيمتها، أن نعاود الذهاب إلى أعمالنا ونلتقى أصدقائنا، نصافح أحبابنا، نأنس بهم ويانسوا بنا.
إذا قدر الله لنا الخروج من تلك المرحلة بسلام، وأنا على يقين تام فى قدرته ثم في حسن إدارة الدولة للأزمة، أتمنى أن يراجع كل منا حساباته بعيدا عن أوهام الخيلاء والفخر الزاعم، أن نعى أن كائن لا يري بالعين المجردة، هز شعوبا وقوى كبرى وحطم نظريات التحالفات الدولية، قطع طرقا وأغلق حدودا وأوقف طائرات، عطل شعائر، ليحفر فى وجداننا ويعيد تشكيل انسانيتنا، بمبادئ جديدة..
اقرأ ايضا: أسير المعروف
قوامها أن الانسان لأخيه الانسان مهما كان جنسه وعرقه ودينه، أننا مجرد ذرة لا قيمة لها، إلا ما كرمنا الله عز وجل به فى كتابه الكريم على باقى المخلوقات، أننا مجرد ريشة عابثة فى هذا الملكوت الواسع.. إليك نتضرع وإليك نسعى وإليك نلجأ يا مالك الملك يا ذى الجلال والإكرام.