اخفض أنفك

عودتنى أمى (رحمها الله)، أن احترام الآخرين، أمرحتمي ليس له علاقة بظروفهم الحياتية التى فرضها عليهم المجتمع، أو بمهنهم سواء علت أو دنت فى نظر البعض، طالما كانت حلالا طيبا لا تشين صاحبها فى أي شdx.

استغرب أبنائي وأنا أنادى الرجل الذى يقوم على نظافة العقار أسبوعيا، بأستاذ فلان، متسائلين: "أستاذ إزاى؟" رددت: لأن هذا حقه، فلا يعنى أنه يساعدنا فى شئون العقار أن نقلل من شأنه، وكونه اختار هذا العمل سبيلا إضافيا لتحسين الدخل، فواجب أن نحترمه ونقدره، وفوق كل هذا فهو يطهر أوساخنا.

اقرأ أيضا: المتنمرون

عم صفوت موظف نظافة المكتب، عم محمد موظف البوفيه، وغيرهم، كل هؤلاء نماذج توضع فوق الرؤوس، كانوا فيما مضي ذى عمل وحياة أخرى مختلفة تماما، ثم تبدلت الظروف مثلما تتغير حياة أى إنسان نتيجة مرض أو كثرة أعباء، لكنهم لم يركنوا أو يتباكوا على ماض، وأكملوا مشوار الحياة فى طريق ابتغاء الرزق الحلال لجلب لقمة عيش بلا احتياج لأحد.

اقرأ أيضا: أسلاك الموت

علمتنى (رحمها الله) أن تقدير من لا يتوقعون منك تقديرا، أولى ممن تسعى لنيل رضاهم، وإذا بادرك بالسلام أحد زملاء العمل سواء عامل نظافة، أو عامل مشروبات، أو حتى مديرك، فالكل سواء، أعطه حقه لأنه إنسان، انهض له، واعتدل وأنت تحادثه، فلا تختال بعلو وظيفتك عن وظيفته، فلا تدرى من منكما أفضل عند الله عز وجل، وربما تدور عجلة الأيام، وتحل محله، فهل ترضي يا ولدى الاستعلاء عليك؟.

اقرأ أيضا: أسير المعروف

فضيلة تقدير الآخرين، الشعور الحقيقي بضعفك رغم خيلائك بذاتك، تهزك جرثومة لا ترى بالعين المجردة، ويطرحك فيروس صغير أسير فراشك، فضيلة الارتقاء بخفض الأنف المتكبر لإخوة العمل والإنسانية، لمن يتوقعون منك تعاليا، وإذ بهم يفاجئون بلين قلب، تجعلهم يفرحون ويشعرون بأن أرواحهم ردت إليهم، رفقا بشركاء الإنسانية، فربما يحاربون فى معارك لا تعلم عنها شيئا.